«ثمرة عشق طاغ للسينما عموماً وللسينما المصرية في شكل خاص، فصاحبه لا يدخر جهداً أو وقتاً أو مالاً في سبيل جمع كل ما تصل إليه يداه مما يتعلق بالسينما من أفلام وصور ومواد دعائية وكتابات صحافية. وهو إذ يقدم لنا في هذا الكتاب سياحة بين المئات من «أفيشات» الأفلام المصرية عبر سنوات تزيد عن الثمانين عاماً، لا يبغي من ورائها تاريخاً أو تنظيراً أو تحليلاً، إنما يضع ثمرة حبه هذه بين يدي عشاق السينما المصرية، ليشاركوه متعة استرجاع أجزاء من هذا التاريخ الثري لسينما عملاقة شاركت في تشكيل وعي ومزاج الملايين في مصر والعالم العربي». هذا ما كتبه المخرج الدكتور سمير سيف أحد أبرز مبدعي السينما المصرية المهتمين بالدراسات الأكاديمية عن السينما، كمقدمة لكتاب «الأفيش الذهبي في السينما المصرية» الذي صدر أخيراً للناقد سامح فتحي، وهو عبارة عن رحلة في تاريخ السينما المصرية، تكشف ملامح صناعة الفن السابع في مصر منذ عام 1933 وحتى بداية العام2000، ويوضح الكتاب عبر أفيشات الأفلام، أهم المراحل السينمائية خلال هذة الفترة عاكساً كل الرموز السينمائية التي شكلت وجدان السينما المصرية. ووجدان جمهورها بالتالي. يكتسب الكتاب أهميته من كونه محاولة لإثراء القارئ بإعطائه نوعية نادرة من الثقافة السينمائية، خصوصاً في ظل ندرة في الإصدارات السينمائية التي تهتم بالأفيش سواء بالشرح والتحليل أو بالاستعراض والتقديم والعرض لذلك الفن المكمل لفن السينما المصرية. وعلى رغم أهمية الأفيش للفيلم السينمائي إلا أنه لم يأخذ حقه من الاهتمام والبحث والدراسة، علماً بأنه التهيئة الأولى للفيلم التي تشجع الجمهور على دخول صالة العرض للمشاهدة، أو تنفره من ذلك العمل الذي لا يعبر أفيشه عن تيمة فنية تجذبه. والأفيش من هذا المنطلق يلعب دوراً مهماًً في الصناعة السينمائية من جهة، وفي فنيات العمل من جهة أخرى . اجتهد فتحي في تجميع قدر كبير من أهم أفيشات السينما المصرية عبر تاريخها الطويل، بادئاً من أفيش فيلم «الوردة البيضاء» لمحمد عبدالوهاب ودولت أبيض وإخراج محمد كريم، (وكان أول فيلم يمثله عبد الوهاب وثاني الأفلام المصرية الغنائية بعد «أنشودة الأمل» وعرض عام 1933)، ومنتهياً بأفيش فيلم «الآخر» لنبيلة عبيد وهاني سلامة وحنان ترك وإخراج يوسف شاهين عام 1999. وعبر هذه الرحلة الزمنية الطويلة لم يغفل مؤلف الكتاب بعضاً من أهم أفيشات الأفلام التي تعيش في ذاكرة المواطن المصري، وتكاد تشكل وجدانه السينمائي، وميوله الفنية في مجال مشاهدة الأفلام، مثل أفيشات أفلام «نشيد الأمل» لأم كلثوم وزكي طليمات وإخراج أحمد بدرخان عام 1937 و«أمير الانتقام « لأنور وجدي وفريد شوقي 1950 و «معلهش يا زهر» لشادية وكارم محمود عام 1950 و «زينب» 1952 و «بنت الأكابر» 1953 و «الآنسة حنفي» 1954 و «4 بنات وضابط» 1954 و «بنات اليوم» 1957 و «أنت حبيبي» 1957 و «وداع في الفجر» 1957 و «الأخ الكبير» 1958 و «بين الأطلال» لعماد حمدي وفاتن حمامة 1959 و «الرباط المقدس» 1960 وصولاً الى «الزوجة الثانية» لسعاد حسني وشكري سرحان 1967 و «قنديل أم هاشم» لسميرة أحمد وشكري سرحان والى «جمال عبد الناصر» لخالد الصاوي وهشام سليم وعبلة كامل وإخراج أنور القوادري 1996. وحرص سامح فتحي على ترتيب الأفيشات زمنياً من الأقدم إلى الأحدث، مع محاولة أن يتضمن الكتاب أفيشاً واحداً على الأقل لكل من ساهم بدور فعال في تنمية الفن السينمائي من ممثلين ومخرجين وفنيين عبر تاريخ السينما المصرية. وبدا اهتمام المؤلف بطريقة عرض الأفيش في كتابه اهتماماً واضحاً، حيث جعل الكتاب من القطع الكبير، ليكون أقرب من طبيعة الأفيش الحقيقية، مع الاهتمام بأن يكون الورق من النوع المصقول، ليعكس جمال الأفيش وتفاصيله، وهو ما ظهر في أسلوب فصل الألوان وطباعة الكتاب الذي خرج في صورة جميلة، تجعل من الاحتفاظ بنسخة من الكتاب ضرورة ملحة لكل عشاق السينما ومحبي الأفلام.