تشهد بلدان غرب آسيا «تحولاً إيجابياً من التشاؤم إلى التفاؤل مشوباً ببعض الحذر»، نتيجة توصل إليها تقرير الأممالمتحدة بعنوان «الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم لعام 2010»، أعدته مجموعة من وكالات ولجان الأممالمتحدة في العالم. وتوقع أن تسجل اقتصادات دول المنطقة «نمواً إيجابياً نسبته 3.6 في المئة هذه السنة، ما يعد قفزة حادة بعد معدل انكماش سلبي نسبته واحد في المئة العام الماضي». وأعلن «حدوث مزيد من حالات العجز المالي في المنطقة، وتشديد السياسات النقدية نهاية السنة مع ازدياد معدلات التضخم». واعتبر مدير مركز الأممالمتحدة للإعلام في لبنان بهاء القوصي، في مؤتمر صحافي عقده أمس مع رئيس قسم التحليل الاقتصادي في شعبة التنمية الاقتصادية والعولمة في «إسكوا» علي القادري في بيت الأممالمتحدة في بيروت، أن هذه السنة تتميز ب «حصول تحول إيجابي في منطقتنا من التشاؤم إلى التفاؤل ولو مشوباً ببعض الحذر». وعزا سبب التفاؤل إلى «توقع استعادة أسعار النفط زخمها». وأشار القوصي إلى ملاحظة التقرير «تعافي الاقتصاد العالمي»، لكن سيكون «هشاً وغير متساوٍ بين البلدان النامية والاقتصادات التي تمرّ في مرحلة انتقالية». وتناول القادري التوقعات الواردة في التقرير، حول «تحسّن الاقتصاد العالمي هذه السنة»، ورأى أن «عدداً متزايداً من البلدان سجل نمواً فصلياً إيجابياً في الناتج المحلي»، لكن «ظروف النمو المستدامة لا تزال هشّة، كما أن تأثير الأزمة على معدلات البطالة والفقر والتنمية البشرية سيكون طويل الأجل». وأشار إلى أن «الحكومات على مستوى العالم اتخذت منذ اشتداد أزمة المال سياسات ساعدت في تحقيق الاستقرار لأسواق المال العالمية»، وعلى رغم ذلك، وجد أن هذه الاستجابات التي تعتبر سابقة، «لم تكف لتشجيع التعافي الذاتي، وبالتالي سيتمثل التحدي الأكبر أمام راسمي السياسات لهذه السنة في تحديد مدى استمرار الحافز المالي». وأعلن التقرير أن منطقة غرب آسيا «شهدت في الأشهر الأخيرة تحسناً ملحوظاً في الوضع الاقتصادي»، متوقعاً «انسحابه على هذه السنة». وإذ تحتضن المنطقة أهم الدول المصدرة للنفط، رجح أن «يساهم ارتفاع سعر النفط من 65 إلى 80 دولاراً للبرميل في موجة من التفاؤل». وأشار إلى أن المحللين وضعوا عند بدء الأزمة مجموعة سيناريوات محتملة إذا ازدادت حدة الأزمة، لكن «لم ترَ النور، بل على العكس استطاعت دول المنطقة تخطيها». وأشار القادري إلى أن «أصداء بعض الأخطار لا تزال تحوم حول المنطقة»، إذ رأى أن احتمال حصول تأرجح في متوسط أسعار النفط أو انخفاضه، قد يوجد خللاً مالياً في البلدان المصدرة للنفط، فيما تواجه البلدان غير المصدرة للنفط تراجعاً في العائدات الضريبية نتيجة ضعف الطلب المحلي». القطاع العقاري وفي القطاع العقاري، توقع القادري بحسب التقرير، أن يكون انتعاش أسعار العقارات «بطيئاً»، كما تتجه الإيجارات إلى «التراجع ما يزيد من هبوط أسعار العقارات وتفاقم الأزمة». ولفت إلى أن المصارف التجارية «تخطت أزمة السيولة، في حين تواجه حالياً ومعها القطاع الخاص والأسر المعيشية مشكلة ضبط الحسابات»، إذ «لا تزال الدول ذات الحسابات الجارية الضعيفة، مثل اليمن ولبنان والأردن في وضع هشّ». وخلص الى أن «الحذر واجب»، على رغم التوقعات المتفائلة وفق التطورات الاقتصادية خلال الفترة السابقة»، لافتاً إلى الأزمة الاقتصادية في اليابان خلال التسعينات والولاياتالمتحدة خلال هذا العقد، ووجد أن «صدى أزمة تدني أسعار العقارات جاء متأخراً نسبياً، إذ استغرقت الفترة 24 شهراً في اليابان و18 شهراً في الولاياتالمتحدة». وأشار إلى أن الأزمة الأخيرة لدبي وبُعدها الزمني عن أزمة العقارات «تفتح الأبواب أمام التساؤلات وإمكان تكرار أحداث مشابهة في المنطقة». لكن ختم بأن «الشعور العام إيجابي، ويدعو إلى التفاؤل بالوضع الاقتصادي المقبل»، وأن على المنطقة في الأشهر المقبلة أن «تكون حذرة ومستعدة لمواجهة تداعيات متأخرة للأزمة». وفي الموجز الموزع عن التقرير، أشار إلى أن «الأداء الاقتصادي في منطقة غرب آسيا كان سلبياً العام الماضي، نتيجة انخفاض معدلات الطلب الخارجي وتدني تدفقات رأس المال الأجنبي الخاص». ولاحظ أن اقتران استمرار الطلب المحلي بتدابير الحوافز المالية الوطنية «أدى إلى مساعدة البلدان في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية، على تفادي العواقب الوخيمة للأزمة العالمية». وأكد التقرير عدم حصول العمليات غير المواتية لخروج اليد العاملة الأجنبية من بلدان مجلس التعاون الخليجي، و «لم تسجل عودة أعداد ملموسة من المغتربين، بما في ذلك لبنان، الذي يعتمد في شكل كبير على فرص العمل وتحويلات العاملين من الدول الأعضاء في المجلس». وفي باكستان، زادت تحويلات العاملين في الخارج، بينما استقرت في الفيليبين، وتقلصت إلى مصر في الربع الأول من عام 2009، لكنها أظهرت انتعاشاً في الربع الثاني».