يشهد الحرم المكي منذ 14 قرناً مضت نقلات معمارية عدة في عصور عدة غير أن التوسعة الأخيرة للحرم المكي في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله - كانت هي الأكبر والأكثر تطوراً سواء من جانب المساحة أم الخدمة لضيوف الرحمن. إذ كانت أول توسعة للحرم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العام 17 من الهجرة، اذ تمت زيادة مساحة الحرم وشراء البيوت القريبة منه وهدمها، ثم جاء الخليفة عثمان بن عفان في عام 26ه، وقام بزيادة مساحة المسجد إلى 4390 متراً مربعاً وكان عثمان بن عفان أول من أدخل الأروقة المسقوفة والأعمدة الرخامية للمسجد الحرام آنذاك، ومن ثم انطلقت في العصر الحديث مشاريع توسعة الحرم المكي منذ عام 1344ه، عندما أمر الملك عبدالعزيز بصيانة المسجد الحرام وإصلاحه، وحذا أبناؤه الملوك حذوه في مشاريع التوسعة وجعل الحرمين المكي والمدني في أولى اهتماماتهم في التطوير والتوسعة. وجاءت توسعة الملك عبدالله الأخيرة هي الأكبر والأعظم والتي كان مخططاً لها الانتهاء في منتصف عام 2015، بطاقة استيعابية للحرم تصل في ذروتها القصوى إلى أكثر من ثلاثة ملايين مصلٍّ، و105 آلاف طائف حول الكعبة في الساعة الواحدة. وتأتي توسعة الملك عبدالله للحرم المكي التي استغرق تنفيذها قرابة ست سنوات بكلفة إجمالية تبلغ 40 مليار ريال والتي نفذت من خلال ثلاثة محاور رئيسة، الأول هو التوسعة ذاتها للحرم المكي، ليتسع بعد التوسعة لمليوني مصلٍّ، والثاني الساحات الخارجية، وهي تحوي دورات المياه والممرات والأنفاق والمرافق الأخرى المساندة التي تعمل على انسيابية الحركة في الدخول والخروج للمصلين، أما الثالث فمنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها، وتصل مساحة التوسعة إلى 750 ألف متر مربع، ويشتمل المشروع على توسعة ساحات الحرم من جهة الشامية، تبدأ من باب المروة، وتنتهي عند حارة الباب وجبل هندي بالشامية وعند طلعة الحفائر من جهة باب الملك فهد وهذه التوسعة عبارة عن ساحات فقط ومقترح إنشاء 63 برجاً فندقياً عند آخر هذه الساحات وتوسعة صحن المطاف بهدم التوسعة العثمانية وتوسيع الحرم من الجهات الثلاث وقوفاً عند المسعى. ومن الأرقام التي رصدت عن المشروع أن كمية الحديد المستخدمة في المشروع تصل إلى 280 ألف طن، وكميات الخرسانة إلى أكثر من 850 ألف طن، فيها طابق تحت الأرض وكذلك الطابق السفلي والميزانين وطابق الروف السطح. وأخيراً قام الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين بتدشين التوسعة الثالثة للمسجد الحرام لتصل الطاقة الاستيعابية للحرم المكي الشريف إلى مليون و850 ألف مصل، وتبلغ مسطحات البناء لهذه المرحلة من التوسعة مليوناً و470 ألف متر مربع، وستتضاعف الطاقة الاستيعابية للمسعى مرة ونصف مرة، ليتسع ل118 ألف شخص في الساعة، كما يشهد المطاف زيادة تتسع لتسعين ألف مصل أيضاً. وتتضمن التوسعة أيضاً مشروعاً لمضاعفة مساحة المطاف ليصل عدد الطائفين إلى 107 آلاف طائف في الساعة، وسينتهي العمل فيه بحلول شهر رمضان المقبل.