في وقت لم يتبق سوى 240 ساعة على الانتهاء من المرحلة الاولى لأضخم توسعة يشهدها التاريخ في المسجد الحرام، تتواصل الأعمال الإنشائية لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لزيادة الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف، على قدم وساق للانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع قبل منتصف شهر شعبان الجاري. ورغم حرارة الشمس التي تشهدها العاصمة المقدسة خلال هذا الصيف إلا أن المعدات لا تهدأ على مدار الساعة، وهذا ما جعل معالم المشروع المنجز وملامحه واضحة. وبالتوازي مع هذه التوسعة العظيمة، تعود بنا الذاكرة الى التوسعات السعودية والأعمال الكبيرة التي حظي بها الحرم منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله. ففي العام 1925 أعلن الملك عبدالعزيز عن البدء في عملية كبرى لإعادة ترميم المسجد الحرام، وبعدها بعامين، أصدر أمره بعمل مظلات ثابتة في صحن المطاف لتقي الحجاج والزوار والمعتمرين حر الشمس، كذلك قامت الدولة بتبليط المسعى، كما تم إنشاء أعمدة رخامية جديدة من قطع المرمر الصقيل في ردهات المسجد الحرام لتعلق عليها الإضاءة الكبيرة. وفي العام 1945 أمر الملك عبدالعزيز بتجديد سقف المسعى. وشهد المسجد الحرام التوسعة الأولى في عهد الملك سعود، حيث وضع في العام 1955 حجر الأساس لهذه التوسعة، التي تمت خلالها عمارة المسجد الحرام على أسس حديثة، مع الحفاظ على الطابع العثماني في صحن المطاف وتوسعته، وبناء المسعى الذي أصبح بطابقين، وتضمنت أعمال هذه التوسعة الكبرى شق وإنشاء طرق وميادين حول الحرم، وقد أصبحت مساحة المسجد الحرام بعد إضافة توسعة الملك سعود التي استمرت طوال عهده ثم عهد الملك فيصل، نحو 161 ألفا و168 مترا مربعا، لتتسع إلى أكثر من 300 ألف مصل. كذلك تواصلت العناية بالمسجد الحرام في عهد الملك فيصل، حيث كان من أهم ما نفذ من مشاريع، خمسة ميادين عامة حول الحرم، وزيادة أبواب المسجد إلى 64 باباً مختلفة الأحجام، وإنارة المسجد بوسائل فنية حديثة، وإنشاء مكتبة المسجد الحرام، كما أزيلت المقصورة التي كانت مقامة على مقام إبراهيم عليه السلام من أجل التوسعة على الطائفين، وأبدلت بغطاء من الكريستال الفاخر، واحتفل بذلك برعاية الملك فيصل في العام 1968. كذلك أصدر الملك خالد بن عبدالعزيز أمرا في العام 1977، بوضع باب جديد للكعبة من الذهب الخالص. أما في العام 1989، فقد وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله حجر الأساس للتوسعة السعودية الثانية للمسجد الحرام، التي تعد أضخم عملية إعادة توسعة وعمارة يشهدها الحرم المكي طوال تاريخه، حيث تم ضم منطقة السوق الصغير، وتم ربطها بالتوسعة السعودية الأولى بمدخل واسع يسهل الحركة بينهما، كما تم عمل نظام تبريد، حيث أنشئت محطة تكييف المسجد الحرام بمنطقة أجياد وتم ربطها بالمسجد الحرام عبر أنفاق تحت الأرض. وبلغت مساحة أدوار المبنى الجديد نحو 76 ألف متر ليتسع وحده لأكثر من 152 ألف مصل، كما شمل المشروع تجهيز الساحات الخارجية التي تبلغ مساحتها 85 ألف متر مربع لتستوعب ما يقارب 200 ألف مصل، لتصبح مساحة المسجد الحرام بعد إضافة مبنى التوسعة الحالية والأسطح وكامل المساحات المحيطة به نحو 356 ألف متر مربع تتسع لأكثر من 775 ألف مصل في غير أوقات الذروة، التي تصل إلى مليون و250 ألف مصل، فيما بلغت تكلفة التوسعة التي تشمل المباني ومشاريع الخدمات وتعويض نزع الملكيات أكثر من 55 مليار ريال. وتنفذ التوسعات الجديدة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من خلال ثلاثة محاور رئيسية، الأول هو التوسعة ذاتها للحرم المكي، ليتسع بعدها لمليوني مصل، والثاني الساحات الخارجية، وهي تحوي دورات المياه والممرات والأنفاق والمرافق الأخرى المساندة التي تعمل على انسيابية الحركة في الدخول والخروج للمصلين. أما الثالث فمنطقة الخدمات والتكييف ومحطات الكهرباء ومحطات المياه وغيرها، وتصل مساحة التوسعة إلى 750.000 متر مربع، ويشتمل المشروع على توسعة ساحات الحرم من جهة الشامية، تبدأ من باب المروة وتنتهي عند حارة الباب وجبل هندي بالشامية وعند طلعة الحفائر من جهة باب الملك فهد. وهذه التوسعة عبارة عن ساحات فقط ومقترح إنشاء 63 برجاً فندقياً عند آخر هذه الساحات. وتوسعة صحن المطاف بهدم التوسعة العثمانية وتوسيع الحرم من الجهات الثلاث وقوفاً عند المسعى، حيث إن المسعى ليس من الحرم وتوسيع الحرم من جهة أجياد، كما تتم تعلية أدوار الحرم لتصبح 4 أدوار مثل المسعى الجديد حالياً، ثم تعلية دورين مستقبلاً ليصبح إجمالي التعلية 6 أدوار. أكبر التوسعات تعد التوسعات الجديدة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويشهدها المسجد الحرام أكبر التوسعات التي سترفع الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام ومساحاته إلى مليوني مصل في غير أوقات الذروة.