85 عاماً مضت على تأسيس وزارة الخارجية السعودية التي تولى قيادتها للمرّة الأولى الملك فيصل بن عبدالعزيز، لثلاثة عقود متتالية، بدأت في العام 1930 حتى 1960، قبل أن يترجّل ويتركها مدة عامين لإبراهيم السويّل، ليعود إليها الفيصل الأب مجدداً ويرافقها مدة 13 عاماً حتى وافته المنيّة، ليواصل ابنه الثالث «سعود» المسيرة منذ العام 1975 حتى العام 2015 الذي طلب خلاله الإعفاء من منصبه. وزارة الخارجية ظلّت صوتاً للسياسة السعودية على الصعيد الدولي، إذ تصدّت هذه الوزارة للعديد من الملفات الشائكة والمعقّدة، وتمكّنت من التعامل معها بالشكل الذي يتوافق مع حقيقة الدبلوماسية وفق معايير محدّدة وخطوط عريضة يتم التحرّك وفقها، تتفق على التصدّي لكل عنف ورفض كل تطرّف، ودعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية. النصف الثاني من مسيرة «الخارجية» تصدّى له سعود الفيصل، إذ تزامنت مع العقود الأربعة الماضية أحداث دولية عدة، كانت المملكة حاضرة فيها بفعالية وتأثير، يأتي بينها القضية الفلسطينية التي بقيت القضية الدولية الأبرز في سلّم الأولويات السعودية الخارجية، إذ ظلّ الصوت السعودي مطالباً بلا ملل ولا كلل بأحقية الشعب الفلسطيني بقيام دولة مستقلة متكاملة ووضع حدٍ عاجل للعدوان الإسرائيلي. كما حظيت الأزمات والحروب المتنوعة التي قابلت وزير الخارجية الأشهر بتعامل حكيم ومواقف جريئة واثقة، يأتي بينها الحرب العراقية - الإيرانية، والحرب اللبنانية وما تخللّها من حرب أهلية في الثمانينات الميلادية، والغزو العراقي على الكويت مطلع التسعينات والموقف السعودي الشهير تجاه الحكومة والشعب الكويتي، والحرب الأميركية على العراق، والعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وما تلا ذلك بأعوام من أزمات داخلية في عدد من الدول مثل تونس وليبيا ومصر وسورية، وأخيراً التصدّي لحماية الحكومة الشرعية في اليمن وتعزيز استقرار الشعب اليمني بعمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، إذ سعت المملكة خلال تلك الأزمات إلى التأثير إيجاباً وترسيخ دورها الذي يستهدف دائماً تحقيق كل ما يخدم مصالح الشعوب واستقرار الدول وحكوماتها. وزارة الخارجية السعودية كانت أقرب إلى كونها ابناً يجد كل العناية والاهتمام من والده الذي أفنى صحته في خدمته والنهوض به، وصنع المكانة المرموقة التي يستحقها إقليمياً ودولياً.