أكدت السعودية أن «إسرائيل باتت قوة إقليمية مسيطرة وطاغية تسعى إلى فرض هيمنتها على المنطقة»، ودعت الدول الإسلامية إلى الوقوف صفاً واحداً خلف حقوق الشعب الفلسطيني، حتى لا يستمر العدوان الإسرائيلي على غزة، كما ندّدت بالأعمال الوحشية في الحرب الإسرائيلية على غزة، والوقائع التي سجّلتها في قتل المدنيين، وتجاوزها للحدود الإنسانية. وقال وزير الخارجية السعودي رئيس الدورة ال41 لمجلس وزراء منظمة التعاون الإسلامي الأمير سعود الفيصل، في كلمته خلال افتتاح الاجتماع الطارئ الذي استضافته السعودية أمس في شأن العدوان على غزة، في حضور رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، إن المملكة لم تدخر جهداً في دعم القضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية، وستظل هي مواقفها الثابتة والمعروفة، مشيراً إلى أنها «ستعمل مع المانحين لتمويل إعمار غزة ب500 مليون دولار أميركي». وانتقد وزير الخارجية السعودي تكرار الاجتماعات الإسلامية من دون حل للقضية الفلسطينية وقال: «لا نريد أن نحيل اجتماعنا إلى مجلس عزاء، فلا وقت للعزاء واستجداء الحلول، علينا أن نتغيّر ونتحرك بكل صدق وأمانة وبكل قوة». وأضاف: «نجتمع هنا في منظمة التعاون الإسلامي، التي تمثل الأمة، وتجسد ضميرها، وتتحدث بصوتها، وتعبّر عن إرادتها، وتبلور عزيمتها، إذ تعقد اللجنة التنفيذية اجتماعها الثاني خلال شهر واحد، وذلك من أجل التداول في كيفية التصدي للعدوان الإسرائيلي الغاشم على أهلنا في قطاع غزة، بعد أن استمر العدوان وتواصل ليلاً ونهاراً، جواً وأرضاً وبحراً، على مدى شهر كامل لقتل الفلسطينيين في شكل جماعي، مستهدفاً المدنيين، وعلى نحو خاص الأطفال والنساء، الذين يشكلون أكثر من نصف الضحايا». وحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي وأضاف: «تابع العالم أجمع بشاعة ووحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو يستخدم أعتى أنواع السلاح لقتل الأبرياء المدنيين داخل بيوتهم، وهدم الأسقف على رؤوسهم، إذ رأى العالم أطفالاً ورضعاً يقتلون، وهم في أحضان أمهاتهم، ورأى أمهات يقتلن وفي أحشائهن أجنة أحياء. إن ما شاهده العالم في الحرب على غزة من صور مأسوية ووقائع غير مسبوقة من الوحشية والدمار الشامل يتجاوز كل الحدود الإنسانية». وأشار إلى أن الإنسان «يتساءل كيف يمكن لنا أن نقوم بمسؤولياتنا الجماعية نحو الإخوة الفلسطينيين وهم يتعرضون لهجمة شرسة تستهدفهم في وجودهم وهويتهم، قبل أن تدك دورهم ومدنهم ومزارعهم، فإسرائيل كما نرى لم تتورع، ولن تتورع عن الذهاب إلى أي مدى، ومن دون حساب لنظام أو قانون أو شرعية أو إنسانية، لتحقيق أغراضها وأهدافها، وليس لها من هدف سوى استئصال الوجود الفلسطيني من حيث هو، حتى في تعبيراته المعيشية والثقافية، والانقضاض على الأرض، وتهديد فلسطين برمتها، وانتهاك مساجدها وكنائسها ومقدساتها، سوى فرض هيمنتها على المنطقة كقوة إقليمية مسيطرة طاغية، هل بات قدرُ أهلِنا في غزة مواجهة ما بين عام وآخر، جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يلاحقهم بالقتل حيثما يكونون حتى ولو لجأوا فراراً من الموت إلى المدارس التابعة للأمم المتحدة (الأنروا)، أو إلى دور العبادة أو المستشفيات». يجب ألانعفي أنفسنا من المسؤولية وأضاف الفيصل: «إنه من المهم ألا نعفي أنفسنا من تحمل المسؤولية، أين روح الأمة الإسلامية؟ لماذا نحن على ما نحن عليه من ضعف في الشوكة، وتردد في الإرادة؟ ما الذي جرى ويجري لنا؟ وكيف نصلح دواخلنا حتى نقف أمام التحديات التي تواجهنا من دون وهن أو ضعف يعترينا من داخلنا؟». وتساءل وزير الخارجية السعودي، «هل كان في مقدور إسرائيل القيام بالعدوان تلو العدوان لو كانت الأمة الإسلامية على قلب رجلٍ واحدٍ؟ ألم يُغرِ إسرائيل على ارتكاب جرائمها المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني والمسلمين ما تراه من ضعفٍ في الأمة بسبب تفككها وانقساماتها وانتشار الفتن فيها؟». وذكر وزير الخارجية أن ما يحيط بفلسطين من موج متلاطم من الصراع والاقتتال والخلافات ويمتد ليصل لمناطق إسلامية على امتداد العالم هو «واحد من مصادر تراجعنا، فطريقنا يبدأ بخطوة أولى لمواجهة هذه الأزمات من داخل مجموعته، نبحث عن مقاربات جديدة تجمع ولا تفرق، تتأسس على الاحترام المتبادل والحفاظ على حقوق الجميع ومصلحتهم، وتكف عن محاولة النيل من بعضنا البعض أو التوسع على حساب بعضنا البعض». الوطن مربط الفلسطينيين وليس الفصيل وقال: «كما أن علينا ونحن نقف موقف الداعم والمؤيد مع الإخوة الفلسطينيين في صراعهم من أجل البقاء أمام قوة احتلال غاشمة تفلت من القانون الدولي والمبادئ الإنسانية، أن نسعى مع الإخوة لنضمن وحدتهم، وليكون الوطن وليس الفصيل هو مربطهم، وأن يكون الحق الفلسطيني لا الأجندات السياسية هو مأربهم، ولا بد هنا من الإشارة إلى المبادرة المصرية والجهود الخيرة التي قامت بها قيادة مصر لإنهاء هذه الأزمة ووقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق التهدئة، تلك الجهود التي تستحق الإشادة والتقدير». وأكد أن السعودية «لم تدخر جهداً في دعم القضية الفلسطينية في جميع المحافل الدولية، وهي مواقف ثابتة ومعروفة للجميع وليس المقام هنا لاستعراضها، إذ أولتها حكومة المملكة اهتماماً خاصاً بوصفها قضية العرب والمسلمين الأولى وعنصراً رئيساً في سياستها الخارجية، ولم تتخاذل أو تتقاعس يوماً عن نصرتها، بل نذرت نفسها لخدمتها، ولا تزال المملكة تواصل جهودها في المحافل الدولية، خصوصاً في الأممالمتحدة والاتصال بالأطراف الفاعلة في مجلس الأمن، من أجل وقف سفك الدماء، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني وإعادة حقوقه المشروعة». وتابع: «بالنسبة لبرنامج إعادة الإعمار في قطاع غزة، فإن الصندوق السعودي للتنمية مستمر في تخصيص التزام المملكة في هذا الإطار، وسيتم العمل بالتنسيق مع المانحين الآخرين لتمويل إعادة إعمار المنشآت والمساكن المتضررة من جراء العدوان الغاشم بمبلغ 500 مليون دولار أميركي». .. السلام الخيار الأوحد لإسرائيل قال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل: «إن وقوفنا صفاً واحداً خلف حقوق الشعب الفلسطيني سيجعل العالم يدرك تماماً أنه ليس بوسع إسرائيل أن تستمر في عدوانها على الفلسطينيين من دون أن تدفع الثمن. وأن على إسرائيل أن تدرك أن السلام هو الخيار الأوحد، وعلى الدول الأعضاء في منظمتنا التي ترددت في الوقوف والتصويت مع مصلحة القضية الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجلس حقوق الإنسان أن تراجع مواقفها بأن تلتزم التزاماً صادقاً بمبادئ ومقاصد ميثاق المنظمة التي أنشئت أصلاً من أجل نصرة القدس والقضية الفلسطينية». من جهته، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني: «إن العدوان الإسرائيلي ما زال يستبيح كل المحرمات والقيم والقوانين والأعراف الدولية بارتكاب جرائم حرب أودت إلى الآن بحياة أكثر من 2000 من المدنيين الفلسطينيين، وخلّفت ما يقارب عشرة آلاف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ودمّرت آلاف المنازل، والمرافق المدنية والبنى التحتية، وشرّدت أكثر من 470 ألفاً عن بيوتهم».