التحقت الإعلامية فاطمة العنزي، بالعمل في «إذاعة الرياض» من دون تخطيط مسبق، وكانت حرب الخليج وأزمة الكويت نقطة تحوّل في حياتها المهنية التي بلغت 25 سنة. ففي ذلك الوقت، أثمرت مشاركاتها الحماسية التي كانت تقوم بها كمستمعة لإذاعة الرياض، التحاقها بالعمل في المؤسسة. تقول العنزي: «كانت إذاعة الرياض النافذة التي أطلّ بها على الأهل والأحبة والأقارب الموجودين في الكويت والمملكة، بل كانت الوسيلة المثلى لإرسال رسائل مشفّرة تدعم الأسرى الكويتيين في العراق، وآخرين يجهلون الطريق إلى السعودية». وتضيف أن عبارة «زغرد الرشاش»، تعدّ من أبرز الرسائل المشفرة التي لاقت صدى كبيراً لدى المستمعين، «وقد جسدت وصية أخي الشهيد الذي كان ضمن الجنود المشاركين في تحرير الكويت، والذي أوصى والدتي بألا تحزن عليه وأن تعتني بأطفاله بعد وفاته. وبعد ظهور الإعلان الرسمي عن تحرير الكويت، عمدت إلى الاتصال بإذاعة الرياض والإدلاء بمشاركتي الوطنية التي تجسّدت في قراءة وصية أخي وردّ والدتي عليها، ما ضاعف أعداد اتصالات المستمعين وتأثّرهم بالوصية التي بثّتها إذاعة الرياضمرات عدة». وعن المشكلات التي واجهتها العنزي خلال عملها في الإذاعة، تكشف أنها تلقت تهديداً بالقتل من إرهابيين عندما كانت تذيع برنامجاً جماهيرياً، بعد وقوع تفجيرات في حيي المحيا والحمراء في الرياض، ما اضطرها إلى رفع رسالة إلى وكيل وزارة الداخلية الأمير محمد بن نايف آنذاك، «أرجوه فيها مراقبة هواتف الإذاعة، وإضافة تطبيق يمكننا من خلاله معرفة رقم المتّصل وهويته». ولم تقتصر مشاركاتها على عاصفة الصحراء أيام تحرير الكويت، بل وقفت في الميدان جنباً إلى جنب مع جنود «عاصفة الحزم» وحرس الحدود في جنوب المملكة. وعلى رغم خطورة وجودها في مواقع الصراع مع الحوثيين، ومناشدة رجال الأمن لها الابتعاد من تلك المواقع حفاظاً على سلامتها، فإن رد فعلها لم يتجاوز عبارة «روحي ليست أغلى من أرواحكم، سأظل معكم». تنوعت البرامج الإذاعية التي قدّمتها العنزي طوال مسيرتها، لكن برنامج «عبق الماضي» يعدّ بصمة في مشوارها، وزارت بسببه شخصيات نسائية تحكي عن حياة المدينة التي ترعرعت فيها منذ الطفولة، ومنها عضو الكونغرس الأميركي فريال بيت المال، ومسنّة من القصيم لا يقل عمرها عن 100 سنة، إضافة إلى امرأة طاعنة في السن كانت تعمل في تطريز فساتين العرائس. واستمرّ برنامج «أهلاً بالمستمعين» الذي كانت تقدّمه مع مجموعة من المذيعين، 14 عاماً، بينما تقدّم حالياً برنامجها الرمضاني «أيام وليال» الذي تقول عنه: «اتصلت بنا مديرة مدرسة، وذكرت لنا حال طالبة فقيرة تعمد إلى جمع بقايا فطور الطالبات من النفايات، وتأخذه إلى منزلها حتى تسدّ جوع أسرتها. وبعدها، صدر قرار من الملك فهد بإقرار صندوق الطالب في شتى المدارس. كما أن افتقار عدد من أسر أطفال التوحّد إلى مواصلات تكفل لهم الوصول إلى نشاطات مفيدة لهذه الحالات، دفع بأحد المتطوعين الى التبرع بحافلة لهم، في حين كان تضرّر بعض المستفيدات من الضمان الاجتماعي من تعامل الموظفين الذكور، سبباً في إقرار الملك فهد استحداث أقسام نسائية في الضمان». وهي تعتبر أنها لعبت من خلال إيصال معاناة المحتاجين، دوراً في توفير العون لهم.