يبدو أن الفساد المستشري في «فيفا» كان يضرب بأطنابه في زوايا عدة داخل الاتحاد الدولي، ليبلغ درجة اختفى معها حياء بعض المسؤولين عن ملفات مهمة وساخنة ما دفعهم إلى التقدم بطلب خدمات تشوبها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، خصوصاً في الوقت التي قدمت فيه، هذا ما تقوله مخاطبة بريدية رسمية بين رئيس لجنة التفتيش التابعة ل«فيفا» هارولد مايني نيكولس والمدير الرياضي في أكاديمة «أسباير»، إذ طلب الأول إيجاد فرص تدريبيه ووظيفة لبعض أقاربه في الوقت الذي كان مكلفاً فيه بالتفتيش على ملاعب ومنشآت الدول التي تقدمت بملف ترشيحها لاستضافة مونديالي 2018 و2022، ومن بينها بالطبع الملف القطري. ودارت الشكوك حول أكاديمية «أسباير» أخيراً بعد ورود اسمها في قضية اتخاذ لجنة الأخلاق في «فيفا» قراراً بإيقاف هارولد نيكولاس، ما دفع الأكاديمية إلى إصدار بيان صحافي (حصلت «الحياة» على نسخة منه)، وجاء فيه: «على رغم أن أكاديمية أسباير لا علاقة لها ولم تكن ضمن فريق ملف استضافة مونديال قطر 2022، إلا أنها كانت تنأى بنفسها وتعتذر بلباقة عن أي طلب تشوبه شائبة التضارب في المصالح في ما يتعلق باستضافة المونديال، الذي فازت دولة قطر بشرف تنظيمه». وبحسب المخاطبات التي اطلعت عليها «الحياة» فإن نيكولس تساءل في أحدها، والموجهة إلى مسؤولي «الأكاديمية القطرية» عمّا يمكن تقديمه لستة لاعبين، من دون أن يحدد الخطاب هويتهم، إذ جاء في الخطاب: «ماذا عن اللاعبين الستة؟ أرجو اطلاعي عمّا تعتقده في شأن وضعهم، وما يمكن أن نفعله حيالهم»، وعلى رغم أن التساؤل السابق شابه الكثير من الغموض، إلا أن نيكلوس أوضح لاحقاً طلبه إيجاد فرص تدريبية ووظيفية لشخصيات مقربة منه، إذ لم يتوانى في كشف ذلك على شكل استفسار ختم فيه خطابه، حين قال: «ماذا بخصوص ابني وابن شقيقتي في (يناير) و(فبراير)؟». ويبدو أن المدير الرياضي في أكاديمية «أسباير» أندرياس بلايتشر كان حذراً في التعامل مع الطلبات التي قدمت له، إذ كتب في خطاب رده على نيكولس: «إشارة إلى إجراءات اختيار فيفا للدول المستضيفة لنهائيات كأس العالم 2018 و2022، وبسبب وجود قطر ضمن المتنافسين على استضافة مونديال 2022، فإننا نؤمن أنه من المستحسن عدم مواصلة نقاش مثل هذه المواضيع في الوقت الحالي، لأنها قد تفتح المجال أمام تفسيرات أخرى، وخشية خلط الأمور من الأطراف ذات العلاقة». ويبدو أن أندرياس حرص على أن يكون لطيفاً في رده مع المسؤول الدولي، إذ شكره في نهاية المخاطبة كاتباً: «أشكر لكم كثيراً تفهمكم للوضع». وعلمت «الحياة» أن رئيس غرفة الحكم في لجنة الأخلاق هانز يواكيم إيكر والمدعي الفيديرالي الأميركي المحقق مايكل غارسيا سبق وأن أطلعا على المخاطبات أثناء مجريات التحقيقات، التي كانت تجري حول مونديالي 2018 و2022، وأن التقرير الرسمي الذي رفعه الأخير تضمن بعض المخاطبات التي تمت بين الطرفين.