للخروج من الغوطة الشرقية في دمشق بطريقة نظامية يجب الحصول على موافقة القيادة الموحدة، وبالطبع فليس كل من يريد الخروج سيحصل على تلك الموافقة. حتى الشهر الجاري كان المعلمون والمعلمات يخرجون في بداية كل شهر لقبض رواتبهم من وزارة التربية (التابعة للنظام السوري)، ولكن ما حدث مع المعلمة «س.م» أعطى مؤشراُ لمشكلة جديدة وجدية ستواجه أولئك المعلمين، إذ أبلغ عناصر من جيش الإسلام المعلمة أنها لن تخرج ثانية لقبض راتبها بأمر من القيادة الموحدة. وبحسب المعلمة فإن التعليمات التي وصلتها تُرجع السبب إلى أنه على الموظفين الحكوميين المقيمين بالغوطة عدم التعامل مع النظام ولا حتى من أجل راتب ربما يكفيهم بضعة أيام فقط، بعد أن بات يضرب المثل بالغلاء والحالة المعيشية الصعبة التي وصلت إليها الناس في الغوطة، وبحسب كلام المعلمة أيضاً فإن هذه التعليمات تمت بناء على تنسيق مع الحكومة الموقتة، إذ سيقوم المجمع التعليمي هناك بدفع الرواتب بدلاً من وزارة التربية التابعة للنظام. من جهته نفى عماد برق وزير التربية في الحكومة الموقتة ل»الحياة» علمه بالقرار، وقال أنه يسمع به للمرة الأولى ولم يقم أحد بالتنسيق مع الوزارة ولا بطرح الفكرة. أما المجمع التعليمي المذكور والموجود في الغوطة والذي يتبع إدارياً للحكومة الموقتة، فإنه لا يغطي أكثر من ربع الاحتياجات في الغوطة بحسب الإعلامي محمد القلموني، عدا عن قلة أعداد المدرسين الرسميين، إذ أن نسبة كبيرة منهم متطوعون لا يقبضون رواتب من النظام، وأخيراً فإن الرواتب التي يدفعها المجمع التعليمي تكون أحياناً عينية وليست مالية. الأستاذ محسن زين مدرس ومدير مدرسة ثانوية شهداء السارين في الغوطة قال أنه لم يتم إخبارهم بالقرار بشكل رسمي، وإن تم ذلك بطريقة شفهية وغير رسمية، وفي رأيه أن قراراً كهذا لا يمكن قبوله لأنه سيوقع ظلماً كبيراً على المدرسين الذين لا دخل لهم إلا راتب الوظيفة الذي يقبضونه من النظام، إلا في حال تأمين بدائل لرواتب المدرسين. ويرى زين أن في حال تنفيذ القرار فإن المدرسين سيتجهون إلى دمشق متخلين عن مدارس الغوطة. وأشار إلى أن ثمة مدارس لن تتضرر من القرار ولن تستفيد طبعاً، ذلك أن معظم مدرسيها من المتطوعين ولكن نسبة هذه المدارس قليلة، وتعتمد في رواتبها على جمعيات أو مؤسسات مانحة تهتم بالموضوع التعليمي. ويقول الدكتور أبو عبيدة معاون مدير التربية للتعليم ما بعد الثانوي في الغوطة، أنه لا يوجد تعميم رسمي، ولكن في حال تم اتخاذ هذا القرار فإنه يراه قراراً صائباً، لأن النظام «برأيه» سيتخذه عاجلاً أم آجلاً، وأنه في انتظار أن يبت في الموضوع من أجل محاولة إيجاد بدائل عن راتب النظام. وأضاف: «لم تطرح القيادة أي بديل إلا إذا قررت دفع رواتب المدرسين أو جزءاً من رواتبهم من المكتب المالي، أما بالنسبة لمديرية التربية فسيكون دورها في حال غياب الكوادر تدريب وتأهيل عدد من المدرسين لسد الثغرات التي قد يسببها القرار. وهناك دفعة من المدرسين (أكثر من 150) يتخرجون في المعاهد المتوسطة يسدون جزءاً من الفراغ ولكن الى الآن ليست لمديرية التربية أية موازنة تغطي رواتب المدرسين في الغوطة الشرقية». يذكر أنه قبل حوالي شهر ونصف الشهر أصدرت القيادة الموحدة قراراً موقعاً من القائد العام «زهران علوش» يقضي بمنع طلاب الشهادتين "الإعدادية والثانوية" من الخروج لتقديم امتحاناتهم النهائية خارج الغوطة الشرقية "المحاصرة". وللعلم فإن قرار منع الطلاب أتخذ نفس خطوات منع الأساتذة، إذ تم طرحه شفهياً قبل شهر من إعلانه رسمياً، وبذلك تم منع 2500 طالب وطالبة تقريباً حينها من التقدم للإمتحانات «ليكونوا بعيدين عن تشويهات النظام وإملاءاته»، وكأن كل السنوات الماضية والشهادات التي حملها الشباب السوري لا معنى لها، ولم تحمل إملاءات النظام وتشويهاته، وأنه في حال لم يتقدم طلاب الغوطة للإمتحانات فإنهم سيتخلصون من كل ما يخص النظام في عقولهم وحياتهم. الغوطة الشرقية اليوم سجن محكم الإغلاق، محاصرة من النظام من جهة، وبقرارات القيادة الموحدة برئاسة جيش الاسلام الذي يقوده زهران علوش، وبعد أن مُنع الطلاب من الخروج، وكل من هم دون الخامسة والأربعين «لأسباب متعددة منها ما هو أمني بحسب كلام القيادة الموحدة»، ولتبق الرواتب في جيبة النظام. ويبقى الموضوع برمته برسم الحكومة الموقتة والائتلاف السوري المعارض، فإن كانت قرارات من هذا النوع يتم اتخاذها بجرة قلم في الغوطة، من دون أن يكون للائتلاف ولا الحكومة المؤقتة أي دور فيها، فما هو دور المجمع التعليمي الذي يتفاخرون به اليوم.