أريد أن أضرب على الوتر الحساس والحساس جداً، مع علمي بأنني لو ضربت عليه سأضرب بضم الهمزة و«اللمزة»، وضم كل النساء المظلومات والمعنفات والمعفنات من كثرة التهميش والتطنيش والركل في أهون الأحوال، أكان العنف جسدياً أو لفظياً أو معنوياً أو اقتصادياً. ما هو كله ضرب في ضرب، كسر الله يد كل رجل يضرب امرأة! وحتى لا أدعو عليك أيها الرجل الخلوق الشهم، وكي أدعو لك وأذكرك بالخير، وأكون مثل فاطمة بنت الحسين حين توفي عنها زوجها الأول وجاءها الخطاب، اشترطت بأنها لن تقبل منهم إلا من مهرها مبلغاً من المال كافياً لسد ديون زوجها المتوفى، فهل هناك أروع مثلاً من هذا المثال كدليل على وفاء الزوجة؟ وهل هناك اليوم مثلها؟ طبعاً لا! إذن لماذا لا تسأل نفسك أيها الرجل العفيف النظيف الظريف، لماذا لا يوجد هكذا رجال! بل يوجد مسايرة حتى تمر الحياة؟ وليس أسوأ من الصدق الكاذب! من الحياة مع رجل تشعر المرأة معه أنها مقهورة، فلا هو يتركها ولا هو يعدل معها ولا يعاملها بالإحسان. حياة فتور وإهمال وتردد، وهذا «الرائج» في معظم العائلات، أكانت علاقة الزوج بزوجته أم الأب بابنته أم الأخ بأخته، والمجتمع الذي ما أن يرى طرف عباءة حتى تساوره الشكوك والظنون بأم العباءة، فأين الثقة والصدق والنبل والعطاء والاحترام ودفء المحبة وحرارتها؟ ولذا كلكم أيها الرجال فاشلون مكتئبون، لأن المرأة هي التي تُشعل شموع البيت وتسقي وروده وترسم بسماته، فأين امرأة اليوم من الأمس؟ أين هي الحرة الواثقة من نفسها المعتزة بذاتها، وهي كل يوم مهانة في فكرها وعقلها وجسدها؟ أرجوكم كفوا عن الظن أن كل امرأة ساعية إلى تلك الإباحية الرخيصة التي تعيشون بها يا رجال من على شاشاتكم وخيالتكم وعمالتكم المستوردة. كفوا! فالمرأة إن شعرت بإنسانيتها ارتقت إلى الحشمة الخالية من الاستهتار والابتذال والسكوت عن الذل والمهانة وارتضاء الحياة مع رجل يعاملها كجارية وكأن لا حول لها ولا قوة سوى إرضائه. ترضيه! طبعاً لم لا؟ لكن كيف ترضي وحشاً يشعرها أنها حشرة؟ إن المرأة الحقيقية هي تلك التي تتصرف بكل اعتداد ورباطة جأش وفخر واعتزاز بأنها امرأة، فإذا أردت غير ذلك فعد والعياذ بالله إلى وأد البنات. يا أخي في صدر الإسلام كانت الواحدة منهن تقوم مقام ألف رجل حد الوساطة بين رجال أو نساء القبائل وكان يؤتمن بها على الكثير من الأسرار، فأين هي تلك المرأة من امرأة اليوم التي تشوه حواجبها وخدودها وعقلها وهندامها وكأنها مسخ؟ ولا ألوم في هذا سوى رجال اليوم، كل واحد منهم أنصحه أن يتزوج جارية ترضى بما لا ترضى به الحرة. الحرة تستطيع أن تواجهه بأخطائه دون خوف منه، بل خوف عليه، حرة تحسب حسابه ألف مرة لأنه يحسب حساباً لها ولشجاعتها وجأشها وبلاغتها وتفهمها. لكن مع الأسف الشديد رجال هذه الأيام يريدونها مهانة! وملفات العنف الأسري التي تُفتح كل يوم قصة جديدة تحمل في جوفها آثاراً سلبية من قهر وإذلال تجعلني أشك كثيراً في سلوك وفكر هؤلاء الرجال! بل أشك في صحتهم العقلية والنفسية، وأتمنى لو أن لدينا المزيد من مدارس التحليل النفسي لدراسة هذه الظواهر وإيجاد برامج لعلاجها، لأن وجود هذا القهر يمس بالمشروع الحضاري العربي المسلم في مجمله. فأرجوكم إن أردتم محاربة العنف وتكلمتم عن ثقافة تقبل الآخر والتعايش والحوار والأحلام ومحاربة الفساد ابدأوا من البيوت وعالجوا العقد النفسية والأمراض الذاتية وتكلس بعض العادات والتقاليد البيزنطية والرومانية والعثمانية وتخلفها ونتائج التخلف الغربي وإفرازاته العصبية والمرضية، فالمجتمع نواته البيت، الزوج، والزوجة. خلف الزاوية أخاف عليك... أخاف غيابك أخاف إذا ما أجبت جوابك ولكن إذا ما اقتربت كثيراً أخاف اقترابك [email protected]