عندما كنت أتلقى الرسائل المعنونة بالرقم 5060، لمساعدة مرضى الفشل الكلوي، كنت لا أعيرها اهتماماً واعتبرها مثل الرسائل الإعلانية الأخرى التي نتلقاها من شركة الاتصالات. إلى أن تشرفت بالعمل مع الأمير عبدالعزيز بن سلمان في المؤتمر العالمي السنوي الرابع للجمعية السعودية لأمراض وزراعة الكُلى، المشرف على المؤتمر، والمشرف على جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، وعرفت عن قرب المعلومات المذهلة عن هذا المرض وانتشاره في المملكة العربية السعودية، لذلك كان لا بد لي بعد انتهاء المؤتمر أن أعير الانتباه اللازم لهذه الفئة من المرضى، ولمساعدتهم بشتى الوسائل التي نملكها، ومن ضمنها الرسائل الهاتفية الواردة من شركات الاتصالات المختلفة على الرقم 5060 والكتابة عن هذه الفئة التي تستحق المساعدة في كل الأحوال والظروف. أنشئت جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لمرضى الفشل الكلوي في 11 - 3 - 1422ه، بأمر من أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ومنذ ذلك التاريخ أصبح لجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي برنامج رعاية شامل، يحاول أن يساعدهم ويمتد إلى كل مناطق المملكة، إذ يكلف مريض الفشل الكلوي نحو «115 ألف ريال» سنوياً للمريض الواحد، ويتضمن البرنامج المواصلات والعلاجات الكاملة من تحاليل وغيرها، وحتى الحالات التي تستدعي التنويم، إضافة إلى الغسيل، وتبلغ آخر إحصائية لمرضى الفشل الكلوي لدى الجمعية نحو 9600 مريض لفشل كلوي تتزايد أعدادهم سنوياً. لقد تطورت برامج الجمعية لتشمل القبول بالجامعات، فقامت بتوقيع اتفاقات مع الجامعات السعودية لقبول مرضى الفشل الكلوي والزارعين والمتبرعين وذويهم، في خطوة رائدة من الجمعية، وتعاون مشكور من وزارة التعليم العالي والجامعات السعودية لمساعدة هذه الفئة من المجتمع على التحصيل العلمي العالي، لما له من فائدة أولاً، وإشعار هذه الفئة أن بإمكانها الإسهام في التنمية المستدامة، ويكونوا نافعين في البناء الوطني ثانياً. في خطوة رائدة قامت الجمعية بإبرام اتفاق مع وزارة التعليم العالي، لاستفادة مرضى الفشل الكلوي من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، لطلاب التخصصات الصحية، والدراسات العليا، ما يعزز الصورة النمطية لهذه الجمعية بالمدى الذي وصلت إليه من اهتمامها ورعايتها لمرضى الفشل الكلوي، وتفاعلها الدائم والمستمر مع المجتمع ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية، واهتمامها الدؤوب والمتواصل بمرضى الفشل الكلوي وذويهم وكذلك المتبرعين، مواطنين ومقيمين وفي أي مكان في المملكة. كل ما تقوم به جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، هو من أجل رعاية هؤلاء المرضى، وتأهيلهم ومساعدتهم للدخول في الحياة، بشكل طبيعي، ومساعدة المجتمع على تقديم المساعدة لهم بشكل منهجي ومؤسسي، يجعل من أفراد هذه الفئة نافعين ومنتجين ومتفاعلين معه، ويساعد كذلك الآخرين في تقديم الخدمات لهم بشكل صحيح ومنظم. من المعروف في العالم أن الأعمال الخيرية تعتمد على وسائل تمويل غير حكومية ومتعددة، مثل التبرعات والوقف وغيرهما من الوسائل، التي تساعد هذه المؤسسات الخيرية في تقديم مساعدتها لمستحقيها، ولذلك يكون دور التبرع في مساعدة هذه الجمعيات في استمرار رسالتها الإنسانية حيوياً وضرورياً، من خلال نشر ثقافة التبرع والتطوع في الأعمال الخيرية، والتفاعل الحي مع رسالتها الإنسانية، من خلال الاستجابة لدعواتها، سواء بالتبرع أو المشاركة في التطوع في أعمالها الخيرية، وكذلك تطوير وسائل التبرع لها بالطرق والوسائل كافة، ومن ضمنها رسائل الجوال التي تصل إلى هواتفنا، أو مواقعنا الإلكترونية. لا يزال التطوع في الأعمال الخيرية والإسهام في مثل هذه الأعمال، يحتاج إلى توعية وتثقيف في المجتمع السعودي، فيجب ألا يكتفي الشخص بالتبرع مثلاً، فهناك طرق أخرى يستطيع الشخص أن يقوم بها غير التبرع، سواء بالعمل كمتطوع واقتطاع جزء من وقته للأعمال الخيرية والتفاعل مع مؤسساتها، سواء إدارياً أو توعوياً، أو على شكل من أشكال الأعمال الخيرية الأخرى، أقلها الاستجابة للرسائل الواردة من هذه الجهات طلباً للتبرع والاستجابة البناءة لها وتشجيع الآخرين للاستجابة لها. لذلك أرى أن الاستجابة لرسائل التبرع من المؤسسات الخيرية، ومن ضمنها مؤسسة الأمير فهد بن سلمان لمرضى الفشل الكلوي واجب وضروري، ويجب أن نحرص جميعنا على إرسال رسالة إلى الرقم 5060، لما لها من أثر عظيم على أحد مرضى الفشل الكلوي، فعندما نتكاتف ونرسل هذه الرسالة فثمة عشرات المرضى بل آلالاف الذين سيستفيدون من هذه الرسائل، وفي الوقت نفسه نشعر بأننا أسهمنا إسهاماً بناءً في انقاذ ومساعدة فئة من أبناء مجتمعنا وتكاتفنا معهم في مواجهتهم لمشكلاتهم والتغلب عليها. لاشك أن الدور الذي يقوم به المشرف العام على الجمعية الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز، حيوي وفاعل، على رغم مشاغله الكثيرة سواء في عمله في وزارة البترول أو مشاغله الأخرى الرسمية وغير الرسمية، فهو رئيس لثلاث جمعيات علمية في جامعة الملك سعود، إضافة إلى مسؤولياته الاجتماعية الكثيرة التي نراها كل ليلة خميس وجمعة في منزله الذي يجمع كثيراً من وجهاء المجتمع ومثقفيه، في جلسات دورية يضمها بيته العامر يومين في الأسبوع، عدا المهام الرسمية التي يضطلع بها أو يكلف بها، ما يجعل الإنسان يقف خجلاً أمام جهد وجلد هذا الرجل وإبداعاته المستمرة ومنها الرقم 5060 للتبرع من خلال إرسال رسالة لشركة الاتصالات، ما لبثت هذه الفكرة التي كانت أول فكرة في هذا الشأن يبدأها في المملكة، أن أصبحت محل اهتمام واستخدام الكثير من الجمعيات الخيرية وغيرها من المؤسسات ذات النفع العام. إن من يعمل معه في أي عمل يتعلم كثيراً منه، خصوصاً العمل التطوعي الذي أعتقد أننا في أمس الحاجة إلى نماذج تمثله، لذلك أدعو الجميع، خصوصاً الطلبة والمتقاعدين في الانخراط في مثل هذه الأعمال التي ستزيد وتصقل رصيدهم المهاري والإنساني، من خلال التطوع في أعمال هذه الجمعيات وفعالياتها المختلفة والرد على رسائلها بالإيجاب. * أكاديمي سعودي.