يتساءل خبراء سويسريون إذا كان الزخم اللازم لارتفاع أسعار النفط يتعلّق ببرمجة قوة الدولار، فيما يجمع عدد منهم على أن هذه الأسعار ترتبط بهجرة البلايين من الدولارات في شكل جماعي ومستمر من صندوق استثمار الى آخر ومن منتج مالي إلى آخر. وعزا أساتذة اقتصاد في جامعة «سان غالن» السويسرية، التذبذب في أسعار النفط الدولية إلى المضاربات، التي لعبت دوراً كبيراً في السنوات العشر الأخيرة في الطعن بقرارات منظمة «أوبك». وللتنبؤ بأسعار النفط على المدى القصير، يراقب خبراء العالم حركة صناديق التحوط في أسواق السلع الأولية، إذ كلما زادت عمليات البيع التي تشرف عليها صناديق كهذه، ارتفع سعر برميل النفط. وباعت هذه الصناديق منتصف آذار (مارس) الماضي، نحو 209 ملايين برميل نفط، ما أفضى الى ارتفاع سعر برميل النفط الأميركي الخفيف من 42 إلى 62 دولاراً. لكن سرعان ما تراجع إلى 59 دولاراً في أيار (مايو) الماضي، بفعل تراجع عمليات بيع السلع الأولية، التي تشرف عليها صناديق التحوط العالمية، نحو 50 في المئة دفعة واحدة. وبعكس المضاربات التي قادتها صناديق التحوط صيف عام 2014 حين تضعضعت أوضاع أسعار النفط، اعتبر خبراء سويسريون أن مشغلي الأسواق النفطية يشعرون بسلوكيات غريبة وشاذة لهذه الصناديق حالياً، وكأنها تستعد لمعركة تستهدف قلب معايير الأسعار. ولا أحد يستبعد أن يبلغ سعر البرميل 100 أو 150 دولاراً من دون تفسير منطقي لما يجري. إذ يبدو أن لقرارات «أوبك» القاضية برفع إنتاج النفط أو خفضه أثر هامشي على الأوضاع الحقيقية لأسعار النفط. واستناداً إلى تحليلات «مركز برن الاقتصادي» للبحوث، يمكن الجزم بأن أسعار النفط لم تشهد وحدها انتكاسة، لها حسنات وسيئات في الوقت ذاته، لأن الدولار يتقلب من دون أن يتمكن أحد من توضيح مستقبله في أسواق الصرف. في المقابل، زادت نسب الفوائد على أذون الخزائن الأوروبية، فيما تشير المعادلات المالية السويسرية إلى وجود علاقة قوية جداً بين أسعار النفط وقوة الدولار (كلما تراجعت أسعار النفط زادت قوة الدولار وبالعكس) وأذون الخزينة الألمانية «بوند». ولا يجب إغفال تحوّل النفط إلى منتج مالي كامل متكامل، يعتبره الخبراء السويسريون مرآة ما يحصل في الأسواق المالية وما سيحدث. علماً أن صناديق التحوط تعمل على نقل التريليونات من الدولارات من منطقة جغرافية إلى أخرى، لإفشال سياسة التيسيير النقدي التي اعتمدها المصرف المركزي الأوروبي. أما بالنسبة إلى أصول صناديق التحوط المالية الكبرى في أعمال النفط، فهي لا تتجاوز واحداً في المئة مما تمتلك من ثروات، ما يفسر تدني أسعار النفط.