خلال الأسابيع القليلة المقبلة ينتهي العام الذي مارست بيروت خلاله دورها كعاصمة عالمية للكتاب. طبعاً لا يزال الوقت أبكر من أن يسمح بجردة عامة. ومثل هذه الجردة ليس هنا مكانها وان كان يمكن القول ان كل مكان يصلح أصلاً للحديث عن هذا المشروع الطموح والكبير، الذي أول ما يمكن ملاحظته في شأنه أنه يعطي صدقية للفكرة التي تقول: إذا أردتم لمشروع أن ينجح سلّموه الى النساء. فمشروع «بيروت عاصمة عالمية للكتاب»، حمل بصمات أنثوية ومن هنا تمكن - حتى الآن - من تنفيذ كل ما وعد به وأكثر. ومن هنا تفرض نفسها تحية توجه الى مسؤولة المشروع الكاتبة ليلى بركات والفريق العامل معها. غير أن هذا ليس بيت قصيدنا هنا. ما يعنينا من الأمر هنا هو ملاحظة تقول ان التلفزيون في لبنان، في معظم محطاته وبرامجه، سقط في امتحان بيروت عاصمة عربية للكتاب. فالمحطات، على تعددها، وخلو معظم ساعات بثها مما هو مفيد أو جميل أو ذكي، عجزت - وعلى رغم الدعوات المتتالية التي وجهت اليها - عن مواكبة ذلك الحدث الثقافي الحضاري الكبير، الذي شمل المدارس والمؤسسات واستنهض المفكرين والفنانين ودور النشر، من دون أن يقنع مخططي البرامج التلفزيونية بإيصال كل هذا الى البيوت، بل حتى بتخصيص ساعات بث لبرامج وأفكار ثقافية، أو حتى للعمل على تحويل بعض النتاج الأدبي اللبناني الى مسلسلات أو برامج... كانت الفرصة سانحة أمام محطات التلفزيون ففوتتها، كالعادة، مكتفية ببث اعلانات عن المشروع كله - معظمها حقق بجمال وحرفية عاليين، لكن المحطات ليس لها شأن في هذا، طبعاً -، وباستضافة المسؤولين بين الحين والآخر لطرح أسئلة «رفع عتب» وغالباً في ساعات بث لا جمهور لها. ولعل هذا كله يوصلنا الى الحديث عن واحدة من آخر حملات المشروع: حملة الدفاع عن اللغة العربية والتي يعبر عنها الشعار الذكي «بحاكيك من الشرق بتجاوبني من الغرب». ولسنا ندري ما إذا كانت هذه الحملة الأخيرة ستحظى بتعاون من محطات التلفزة. لكننا نعرف أن هذا التعاون التلفزيوني ان توافر، سيوقع المحطات في حيرة، ذلك اننا، إذا استثنينا لوائح الطعام في المطاعم، وحوانيت بيع الثياب، وكل لافتات مجمع «أسواق بيروت» الذي افتتح حديثاً، حيث تغيب اللغة العربية تماماً (واحد من محلات المجمع وضع لافتة تعلن التنزيلات الموسمية فيه بثماني لغات ليس بينها العربية!) إذا استثنينا هذه، سنجد أن الطرف الرئيس الذي يجب أن تطاوله الحملة هو محطات التلفزيون نفسها، التي تعلن في كل لحظة وحين خجلها من لغة الوطن الشعبية والرسمية، أي العربية، فتملأ عناوين برامجها بالكلمات الانكليزية وأحياناً الفرنسية - ما يجعلها فريدة نوعها في العالم، الى جانب قنوات بنغلادش التي تشاطرها هذا الخجل بلغة الشعب، ولو جزئياً. ترى هل ستساند المحطات التلفزيونية في لبنان، حملة «بيروت عاصمة الكتاب» اللغوية، مستنتجة ما يجب فعله، أم ستعتبر الأمر مجرد «واجب» ينقضي بانقضاء زمن الحملة؟