فيما اشتهرت السويد بأنها الأكثر هذا العام في عدد ساعات الصيام بواقع 20 ساعة، كشف سفيرها لدى السعودية داج يولين دانفيلت أن الشهر الفضيل في السويد يحمل الكثير من التغيرات في نمط الحياة، ويلمس تأثيره الحضاري والإسلامي في مختلف نواحي الحياة، منها وجود أجنحة رمضانية خاصة بالمشروبات والأغذية الحلال في معظم المحال، بينها أصناف يندر وجودها بقية فصول العام، مشيراً إلى أنه يستذكر طفولته في الشهر الفضيل حين كانت الحلويات والأغراض الرمضانية تصطف على الرفوف، ومنظر المتسوقين المسلمين يلتقطونها في أجواء إيمانية مباركة. وكانت مصادر إسلامية سويدية أكدت ل«الحياة» أن فتوى صدرت تسمح بالصوم 16 ساعة فقط، بالاعتماد على الفترة التي يصومها الناس في السعودية، مبيناً أن النهار يمتد نحو 23 ساعة، ولا يطيق صيامه كاملاً كثير من الناس. ولفت إلى أنه على رغم أن المسلمين في السويد يشكلون 5 في المئة وعددهم 400 ألف مسلم، ويحتلون الديانة الثانية بعد البروتستانت، قدم معظمهم من سورية والصومال والعراق وتركيا وإريتريا والمناطق الكردية، إلا أن أصوات الذكر والتسبيح في المساجد وصوت القرآن الكريم يجعل وجودهم مميزاً عن الديانات الأخرى، لافتاً إلى أن المجتمع السويدي في الأصل لا يعامل الناس بحسب دينهم ولا يكترث لأي إحصاءات عن عدد أتباع دين معين، إلا أن الشعائر الدينية عند مسلمي السويد تجذب عدداً من غير المسلمين بدافع الفضول عن الإسلام، خصوصاً في شهر رمضان بشعائره الدينية. وبيّن أن المساجد تتحول في الشهر الفضيل إلى صفوف إيجابية فاعلة تعكس التعاطف والود والاحترام بين المسلمين أنفسهم ومع غيرهم من الشعوب، حتى إن غير المسلمين يشاركون إخوانهم المسلمين فطورهم الرمضاني الذي في الغالب يتوافر في معظم المساجد السويدية، إضافة إلى حلقات الأصدقاء والأقارب في المطاعم والمنازل، كما تزين الوجبات بشتى أنواع الطعام، يتصدرها أنواع التمر الذي حض الإسلام على تناوله بداية الطعام لما يحمله من فوائد صحية. ولفت إلى أن المحال التموينية الضخمة، ومنها «إكا» و«كوب» تخاطب المسلمين في ترويجها للسلع الرمضانية، وتعرض أصنافاً جديدة ضمن قائمة الطعام الحلال التي يحرص على تناولها المسلمون، كما أن وجبة السحور مع إطلالة النهار توحي بنبض الحياة في قلوب المسلمين في مدن السويد كافة، فالوجبات متوافرة وسط فرحة غامرة للمسلمين، الذين يزدادون ألفة وتكاتفاً في السويد في شهر رمضان المبارك. وقال: «تمد السويد يدها بالمساعدات الإنسانية لكل الدول المنكوبة ومناطق الصراعات، وتقدم حصتها الإغاثية حالياً للدول التي تشهد نزاعات ومنها اليمن والعراق وسورية وفلسطين، وبالتأكيد تراعى فيها الحاجات التموينية الرمضانية»، كما لدينا موازنات خاصة لإغاثة اللاجئين القادمين لبلدنا من دول عدة حول العالم، ونمنحهم مستويات متقدمة من الخدمات. وأضاف: «في الشهر الفضيل يتواصل دور المؤسسات الخيرية والإغاثية السويدية ليس داخل السويد فحسب، بل تتعداه إلى دول عدة حول العالم بحاجة لإغاثة»، لافتاً إلى أن السويد مثلاً تدعم الشعب الفلسطيني وقضيته الإنسانية منذ عام 1948 وتواصل دورها بعد إبرام معاهدة السلام، وبالتالي عملنا الخيري والإغاثي والانساني مشهود له منذ عقود طويلة. وأفاد بأنه شخصياً وأي مواطن سويدي يسعد جداً وهو يدفع الضريبة للحكومة السويدية، لأن مفعولها واضح، فعلى المستوى الداخلي تنعكس في برامج الصحة والتعليم والبنى التحتية والخدمية، وعلى المستوى الدولي تقف السويد في صدارة أي عمل إنساني أو خيري، وهي من المبادئ الأخلاقية التي يفخر بها كل مواطن سويدي. ورداً على سؤال «الحياة» حول كيفية تعامل الحكومة السويدية مع المتسولين وأصحاب الحاجة الذين بالعادة يتزايدون في المساجد، قال: «يستحيل أن تجد متسولين في السويد، المخصصات التي تمنحها الحكومة السويدية لأي بشر يعيشون على أراضيها كفيلة بأن تضعهم في خانة العفاف وعدم الحاجة»، فحكومة السويد توفر العيش الكريم للجميع، والنظام القائم أصلاً يجعل من حق أي إنسان يعيش على التراب السويدي أن يتسلم مخصصاته وحقوقه كاملة بكل يسر وسهولة، والشفافية التي تتبناها الحكومة تخول أي سويدي أن يكون على دراية كاملة بطريقة صرف الموازنة ومصير الضرائب التي دفعها. وبيّن أن من يعيش في السعودية من المسلمين القادمين من دول كثيرة ينعمون بما تقدمه الحكومة السعودية من خدمات ودعم للسلع، كما أن السعودية قبلة المسلمين وتقدم برامج خيرية طوال العام وترسل مساعدتها إلى دول إسلامية كثيرة حول العالم، ما يجعلها مرتبطة بذاكرة الجميع أنها المساند والمنقذ للشعوب الإسلامية، كما ينظر السويديون إلى السعودية على أنها بوصلة العالم لوجود مكةالمكرمة والمدينة المنورة. من جهته، بيّن نائب السفير السويدي وسام السعودي، أنه من أصل عربي «ولكني كمواطن سويدي أعامل على قدم المواساة مع أي سويدي أصلي، وأفخر كما يفخر أي سويدي بمساحة الحرية الدينية لكل إنسان والمساواة أمام القانون، وفي شهر رمضان المبارك أتذكر ليالي رمضان والسمر مع الأصدقاء في المطاعم والمساجد، سواء من المسلمين أم غير المسلمين، لأن الدين الإسلامي دين تسامح وسلام ورحمة وتقبل الآخر». وأضاف: «السويد فيها الكثير من المطاعم العربية التي يجتمع فيها أبناء الجالية العربية لتناول أكلات وأصناف الحلويات في بلادهم، وتبادل الأحاديث في وطنهم الجديد السويد»، مبيناً أن التلفزيون الحكومي أو الإذاعة السويدية تبث صلاة التراويح والعيد على الهواء مباشرةً، إضافة إلى أن جامع ستوكهولم الذي يقع في منطقة سودر يعد بؤرة يحتضن كل المسلمين للصلاة في مدينة ستوكهولم، كما يقوم رئيس الوزراء بتهنئة المسلمين في السويد بالعيد والشهر الفضيل، ما يؤكد اهتمام حكومتنا بكل المواطنين.