أطلق الاتحاد الأوروبي أمس، مرحلة أولى من عمليته العسكرية البحرية بقدرات حربية، لمواجهة شبكات تهريب المهاجرين غير الشرعيين والتي دفعت بعشرات الآلاف منهم منذ مطلع هذا العام في اتجاه سواحل جنوب أوروبا وخصوصاً إيطاليا، انطلاقاً من السواحل الليبية. (للمزيد). وفي اجتماع لهم في لوكسمبورغ أمس، أعطى وزراء الخارجية الأوروبيون الضوء الأخضر للخطة بعد وضع اللمسات الأخيرة عليها، ودراسة أبعادها السياسية ومرتكزاتها القانونية، وذلك قبل اجتماعهم لاحقاً مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني: «إنها المرة الأولى التي ينظر فيها الاتحاد الى مسألة الهجرة بهذا الحزم، ما قد يشكل مؤشراً إلى طي هذه الصفحة». لكن إطلاق العملية لم يخل من مخاوف عبرت عنها أطراف أوروبية خصوصاً إيطاليا، بالتحذير من أن أي قرار بفرض حصار بحري على السواحل الليبية من دون تفويض الأممالمتحدة أو طلب البلد المعني، قد يعتبر بمثابة إعلان حرب. وتبدأ المرحلة الأولى من العملية بانتشار بحري خلال أيام، على أن يكتمل في بدايات الشهر المقبل. وأوضحت موغريني أن الهدف هو «جمع معلومات وتسيير دوريات مراقبة في المياه الدولية من أجل رصد شبكات المهربين». وأكدت أن العملية «لا تستهدف المهاجرين بل الذين يجمعون الثروات على حساب حياتهم ويقودونهم أحياناً إلى الموت». وأشار مصدر ديبلوماسي في لوكسمبورغ إلى «تنسيق مع الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ودول الضفة الجنوبية للمتوسط». وعبأت سبع دول أوروبية، من بينها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا، قدرات عسكرية أولية، تشمل خمس سفن حربية وغواصتين و3 طائرات استطلاع وطائرتين من دون طيار ومروحيات، إضافة إلى الاستعانة بالأقمار الاصطناعية والتقارير التي يعدها «ضباط اتصال» في دول المصدر والعبور. ويقود العملية الأميرال إنريكو كريدندينو الذي يتخذ من قاعدة عسكرية قرب روما مقراً له. ويواجه الاتحاد الأوروبي صعوبات في تأمين الشروط القانونية الكاملة للعملية العسكرية في مرحلتها الثانية التي تقتضي إنزالاً بحرياً وتفتيش سفن، وفي مرحلتها الثالثة التي تتطلب «تحييد» سفن وقوارب المهربين، بإتلافها أو حجزها، بعد الاتفاق على صياغات قانونية يجري بحثها في مجلس الأمن الذي لم يصادق بعد على مشروع قرار في هذا الشان. وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على وجوب احترام سيادة ليبيا والتحرك وفق القانون الدولي. ويراهن الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد على تشكيل حكومة وفاق وطني ليبية يمكن التنسيق معها، نتيجة للحوار الذي يقوده المبعوث الدولي إلى ليبيا بيرناردينو ليون. وفي غياب القرار الدولي و «الطلب» الليبي، فإن العملية الأوروبية ستكون محصورة في المياه الدولية. وأوضح مسؤول عسكري بارز أمس، أن المرحلة الأولى ستؤدي إلى «جمع معلومات حول من يدير شبكات تهريب وما هي الطرق التي تسلكها في ليبيا والدول المجاورة، إضافة إلى المصادر التي تعتمد عليها في تأمين مواردها». وإضافة إلى كونها مؤشراً إلى استنفار أوروبا إزاء مشكلة الهجرة غير المشروعة، تشكل العملية امتحاناً لقدرة الدول المعنية على استباق تهديد أمني متفاقم، ناجم عن تمدد تنظيم «داعش» وتنظيمات إرهابية أخرى في منطقة جنوب المتوسط. وقد تكون القدرات العسكرية التي ستنشر مقدمة لمواجهة إرهاب في البحر، أو حتى التدخل لفرض الاستقرار في ليبيا المهددة بالفوضى.