سيقر الاتحاد الأوروبي اليوم (الإثنين) عملية بحرية للتصدي لأنشطة المهربين الذين يستغلون يأس المهاجرين المستعدين للقيام بأي شيء من أجل عبور المتوسط أملاً في الوصول إلى أوروبا، بعد شهر على حادث غرق مأساوي. وتقتضي هذه المهمة غير المسبوقة، بنشر سفن حربية وطائرات مراقبة تابعة للجيوش الأوروبية قبالة سواحل ليبيا التي باتت المركز الرئيس لحركة تهريب المهاجرين. وتتطلب العملية موافقة الأممالمتحدة، ولن يتم إطلاقها فعلياً إلاّ في حزيران (يونيو)، غير أنه سيتم إقرارها رسمياً اليوم من قبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ال 28، بعد اجتماع مع نظرائهم من وزارات الدفاع. ويخضع الاتحاد الأوروبي، المتهم بعدم الاكتراث حيال مشكلة الهجرة غير الشرعية، إلى ضغوط شديدة مع تعاقب الحوادث المأساوية في البحر المتوسط. ودفعت الكارثة التي وقعت ليل 18 نيسان (أبريل) وراح ضحيتها 800 شخص بقي معظمهم عالقين في قعر المركب عند غرقه قبالة سواحل ليبيا، قادة الاتحاد الأوروبي إلى التحرك للقضاء على الهجرة غير الشرعية. ودعا قادة الاتحاد خلال اجتماع طارئ في 23 نيسان (أبريل) الماضي إلى تنفيذ عملية تقضي ب «ضبط وتدمير مراكب المهربين القادمة من ليبيا قبل ان يتم استخدامها»، وقرروا أيضاً تعزيز إمكانات عمليتي «ترايتون» و«بوسيدون» القاضية بالمراقبة والإنقاذ في البحر المتوسط واللتين عهد بهما إلى «وكالة فرونتكس» المكلفة ضبط الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وأجمعت المنظمات غير الحكومية على التنديد بالمهمة البحرية، معتبرة أنها ستؤدي فقط إلى تغيير الطرق التي يسلكها مهربو المهاجرين. وشكك المدعي العام الإيطالي جيوفاني سالفي، الذي يتصدر حملة مكافحة الهجرة غير الشرعية، في العملية محذراً من أن تدمير زوارق صيادي السمك الليبيين من شأنه أن يضع السكان في موقع معاد للأوروبيين. وأوضح ديبلوماسي أوروبي أن «العملية التي تحمل اسم نافور ميد، ستتخذ مقراً عاماً لها في روما وستكون بقيادة الأميرال الإيطالي أنريكو كريدندينو». وبحسب مصادر ديبلوماسية، فإن كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وعدت بتوفير سفن، فيما ستؤمن بولندا وسلوفينيا طائرات مراقبة أو مروحيات. وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن «من غير المطروح القيام بعمليات عسكرية على الأراضي الليبية». وتقضي المهمة بتعقب السفن التي يستخدمها مهربو المهاجرين، لجر المراكب المتهالكة المحملة بمئات المهاجرين إلى عرض البحر قبل أن يتخلى المهربون عنهم ويتركونهم لمصيرهم. إضافة إلى منع المهربين لاحقاً من استعادة المراكب. ولم يتردد المهربون في فتح النار على خفر السواحل الإيطالي لاسترجاع مراكب كان احتجزها. ويطالب الأوروبيون، حرصاً منهم على احترام القانون الدولي، بصدور قرار من مجلس الأمن يدعم تحركهم، وأعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الخميس الماضي عن تفاؤله في شأن الحصول على هذا الضوء الأخضر من المجلس. وبعد أن كانت روسيا متمنعة في بادئ الأمر، تبدو اليوم على استعداد لتأييد نص في مجلس الأمن، لا يشير تحديداً إلى تدمير السفن غير أنه من غير المتوقع أن يتم إقراره قبل نهاية الأسبوع. وسيطلب الوزراء اليوم من «الجهاز الديبلوماسي الأوروبي» و«اللجنة العسكرية» الشروع فوراً في التحضير للعملية. ومن الممكن البدء بتشديد المراقبة على السواحل وشبكات تهريب المهاجرين، واعتراض سفن لا تحمل علم أي بلد من دون انتظار إطلاق العملية. غير أنه ما زال يتحتم تسوية عدد من المشكلات الصعبة، لا سيما الاتفاق على دول استقبال للمهاجرين الذين سيتم إنقاذهم بموجب العملية.