أقرّ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بعد مباحثات مشتركة بينهم وبين وزملائهم للدفاع في بروكسيل أمس، خطةً للتدخل البحري لمواجهة شبكات تهريب البشر انطلاقاً من سواحل ليبيا. وصرحت وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني بأن القوة البحرية التي ستُشكَّل خلال الأسابيع المقبلة «تهدف إلى تفكيك شبكات الجريمة التي تتولى تهريب المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط». وغداة الموافقة على «مفهوم إدارة الأزمة»، يبدأ الخبراء العسكريون رسم «خطة العمليات» من جميع جوانبها اللوجيستية والعملياتية ومساهمات الدول الأعضاء. وسيعهد الاتحاد الأوروبي الى الجنرال الإيطالي إنريكو كريدندينو مهمة قيادة العمليات البحرية التي سيكون مقرها في قاعدة «سينتوشيللو» العسكرية الإيطالية قرب روما. وفي غضون ذلك، تسعى الديبلوماسية الأوروبية إلى الحصول على قرار من مجلس الأمن يجيز استخدام القوة لتفكيك نشاطات شبكات تهريب الهجرة غير المشروعة. وتوقعت موغريني أن «يبحث مجلس الأمن مشروع القرار تحت الفصل السابع». وذكرت بأنها لم تلاحظ معارضة شديدة لمقترحاتها خلال اجتماعها بالمجلس في نيويورك أخيراً. وشملت نقاشات اجتماع أمس «خيارات نطاق التدخل المزمع في المياه الدولية والليبية واحتمال استهداف شبكات المهربين وتعطيل نشاطهم على اليابسة أي قبل إبحارهم من الموانئ الليبية»، فيما انعدمت الأجوبة حول التساؤلات التي يثيرها خيار استهداف المهربين وإتلاف قواربهم على الشواطئ الليبية بسبب غياب جهة رسمية ليبية تملك صلاحيات القرار والتعاون مع الاتحاد الأوروبي، بحكم انقسام البلاد إلى مناطق نفوذ بين الميليشيات. ولم يغب عن الدبلوماسيين الأوروبيين افتراض فشل الحوار الجاري في المغرب بين الليبيين وما قد ينجم عنه من اتساع فوضى الاقتتال بخاصة زيادة فرار المهاجرين نحو أوروبا. وتحدثت موغريني عن شراكة مع السلطات الليبية «الفعلية» والتي قد تكون حكومة طرابلس التي تسيطر من خلال ميليشيات «فجر ليبيا» على المناطق التي تنطلق منها قوارب الموت في اتجاه إيطاليا. وأثار التلويح بالتعاون الرسمي بين الاتحاد وحكومة طرابلس معارضة حكومة طبرق المعترف بها دولياً والتي رفضت الخطة إذا طُبقَت من دون تنسيق معها. وتحدث وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن الحاجة إلى «مقاربة شاملة لكل أوجه المشكلة، منها العمل مع الدول المصدرة للهجرة لمعالجة مسبباتها ومواجهة شبكات الجريمة والعمل مع ليبيا للحؤول دون إبحار المهاجرين». وذكر وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، بأن «المهمة تتطلب جمع مزيد من المعلومات حول كيفية تنظيم هذه الشبكات ذاتها» من أجل تفكيكها. وأرسلت دول أوروبية عدة فرق وسفن ستشكّل كمرحلة أولية، العمود الفقري لقوة التدخل البحري، منها فرقاطات وسفن تقلّ مروحيات وطائرات استطلاع. وتطرقت الوثيقة التي عرضتها موغريني على الوزراء أمس، عن عتاد يضمن «الرد القوي» على المدفعية التي نشرتها الميليشيات الليبية في الشريط الساحلي وكذلك قدرات الإنزال وتفتيش السفن في عرض البحر، في حال عدم تعاون هؤلاء مع المهمة الأوروبية. واتفق الاتحاد الأوروبي وحكومة النيجر على افتتاح مركز أمني أوروبي في «أغاديس» في شمال البلاد سيمكّن الاستخبارات من رصد تحرك تيارات الهجرة غير المشروعة حيث يعبر 90 في المئة من المهاجرين من غرب أفريقيا في اتجاه ليبيا. كما قرر الاتحاد زيادة عدد الخبراء الأمنيين في النيجر من 50 إلى 100. وتجري المباحثات بين الجانبين لإنشاء معسكرات في النيجر بإشراف دولي تشكّل محطة أولى لبحث طلبات اللجوء قبل وصول المهاجرين إلى ليبيا. واقترحت بريطانيا إنشاء معسكرات في شمال أفريقيا لاحتضان المهاجرين الأفارقة حيث يتم بحث طلبت اللجوء، بالنسبة إلى الفارين من النزاعات وترحيل الآخرين الى بلدانهم قبل أن يصلوا إلى شواطئ إيطاليا. وتردد أن دولاً أوروبية قد تطلب من تونس استخدام مياهها الإقليمية لمراقبة نشاطات شبكات التهريب في ليبيا. لكن هذه المعلومات لم تؤكَّد رسمياً. من جهة أخرى، حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس، من احتمال أن يندس «إرهابيون» بين المهاجرين غير الشرعيين الذين ينطلقون من السواحل الليبية. ميدانياً، نفذت السلطات المسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس أمس، عمليات دهم بحثاً عن مهاجرين غير شرعيين، وقالت إنها احتجزت 45 منهم.