اعتبر ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الذي اختتم أول من أمس زيارة لروسيا وصفت بالمهمة، أن المحادثات التي أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثبتت متانة علاقات البلدين والرغبة في تعميق التعاون بينهما في المجالات كافة، «وفقاً لرؤية مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز» ورؤية الرئيس الروسي. ورأت الصحف الروسية والغربية أمس (السبت) أن زيارة الأمير محمد بن سلمان لروسيا أعادت الدفء إلى العلاقات السعودية - الروسية التي لم تكن في أفضل حالاتها، بسبب تباين وجهات النظر حيال سورية. (للمزيد). ولفت الباحث والمعلق الروسي كونستانتين دوداريف إلى أن الزيارة اكتسبت أهمية بحكم أنها الأولى لمسؤول سعودي رفيع منذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملكاً للسعودية في كانون الثاني (يناير) الماضي. وذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن الزيارة ستمهد لزيارة يقوم بها الملك سلمان بن عبدالعزيز لروسيا، تلبية لدعوة تلقاها من بوتين في محادثة هاتفية جرت بينهما في 25 نيسان (أبريل) الماضي. واعتبر دوداريف أنه على رغم بقاء وجهات نظر متباينة حيال مستقبل سورية فإن زيارة ولي ولي العهد السعودي دفعت الجانبين السعودي والروسي إلى الفصل بين السياسة والتعاون الاقتصادي، ما أدى إلى استئناف التعاون التجاري والاقتصادي بمستواه الكامل. وكتبت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أول من أمس، إن زيارة ولي ولي العهد السعودي لموسكو جاءت في وقت بدأت تتضح فيه دلائل رغبة روسية في البحث عن مقاربات جديدة لحل النزاع السوري. ويعزز موقف ولي ولي العهد السعودي إجماع خليجي على ضرورة قيام روسيا بدور يشجع حلاً يستبعد بشار الأسد، ويُحل حكومة معتدلة في دمشق. ولاحظت الصحيفة البريطانية أن موسكو تسعى إلى تعظيم نفوذها لدى جماعات سورية معارضة، وقامت في الوقت نفسه بسحب نحو 100 من مستشاريها العسكريين من دمشق. وذهبت صحيفة «إنترناشونال بيزنس تايمز» إلى أن المحادثات السعودية - الروسية الرفيعة المستوى أثارت احتمالات تحالف جديد محتمل بين البلدين. ولاحظت أن زيارة الأمير محمد بن سلمان سبقتها اتصالات ثنائية رفيعة، تشمل المحادثة الهاتفية بين العاهل السعودي وبوتين في نيسان (أبريل) الماضي، واستقبال الملك سلمان بن عبدالعزيز مبعوثاً روسياً خاصاً في 27 أيار (مايو) الماضي، قبل يوم واحد من تقديم السفير السعودي لدى روسيا أوراق اعتماده إلى موسكو. وأضافت أن أي تعاون نفطي محتمل بين الجانبين سيعيد قدراً كبيراً من التوازن إلى الاقتصاد الروسي، الذي يواجه عقوبات أميركية وأوروبية بسبب موقف موسكو من أوكرانيا. وكان الكرملين أورد في موقعه الرسمي ما قاله بوتين عند استقباله ولي ولي العهد السعودي، وخصوصاً إشارته إلى «العلاقات الأخوية» بين بلاده والمملكة «التي نثمنها كثيراً». وأورد تأكيد الأمير محمد بن سلمان - في رده على ترحيب الرئيس الروسي - أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل دعوة بوتين لزيارة روسيا، وتشديده على أن المملكة ترى أن روسيا «دولة مهمة في العالم الحديث». ورد بوتين بأنه لا يزال يذكر «الترحيب الحار» الذي لقيه عند زيارته السعودية، مؤكداً قبوله الدعوة لزيارتها. ورأت صحيفة «آسيا تايمز»، التي كتبت بعنوان: «أمير محارب عربي في بلاط بوتين»، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان تعتبر «تطوراً مثيراً في سياسات الشرق الأوسط»، وأن الزيارة تستحق أن تقارن بالزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر للعاصمة الصينية بكين قبل 44 عاماً، وغيّرت وجه التاريخ. وأشارت الصحيفة إلى أهمية وتعدد المهمات التي يقوم بها ولي ولي العهد في بلاده، في وقت عصيب من تاريخ السعودية، وخصوصاً في وجه التقارب المحتمل بين أميركا وإيران، الذي من شأنه أن يحدث تأثيراً هائلاً في سياسات المنطقة.