بحجر واحد اصطاد شاب سعودي أربعة عصافير، فهذا الشاب يربي أغناماً تحتاج إلى إطعام، ويعد الخبز أفضل ما يمكن أن يطعمها به، ولأن الناس تشتري خبزاً يفوق استهلاكها، وتضطر إلى إلقاء الزائد في سلة المهملات، ما دفعه - يعمل في مجال اللحام والميكانيكا- إلى إنشاء حاوية، ووضعها في الشارع ليلقي فيها أبناء بلدته ما يفيض عن استهلاكهم من الخبز. ووفرت حاوية الخبز، التي أصبحت سبعاً بعد مرور ثلاثة أشهر من انطلاق الفكرة، الخبز لأغنام الشاب بدر أحمد سريح، كما أسهمت في حفظ النعمة. إلا أن الخبز الذي يضعه الناس في الحاويات أصبح يزيد عن حاجة أغنام صاحب المشروع، فقرر بيع الزائد والتبرع بالجزء الأكبر من العائد للفقراء. وأقرّ بأنه يأخذ جزءاً من المال المتحصل. الفكرة التي انطلقت من بلدة العوامية، اعتبرها سريح حينها «بسيطة»، ولم يكن يتوقع أنها ستأخذ الصدى والإقبال الذي استحوذت عليه، لتتوسع وتشمل بلدات أخرى في محافظة القطيف. وقال بدر ل «الحياة»: «يستشعر الناس قيمة النعمة، وكنت قبل أن أربي الأغنام احتار في كميات الخبز المتبقية لدي في المنزل، إلى أن شرعت في تربيتها، وبدأ البعض يرسل لي الخبز الذي يقدم طعاماً للحيوانات. ومن هنا ولدت الفكرة، ولكوني لحاماً، قمت بصناعة أول حاوية، ووضعها في بلدتي العوامية. ولاحظت أن كميات الخبز التي توضع فيها كبيرة جداً، ووصلتني طلبات بوضع حاويات في أحياء أخرى». وأضاف سريح: «وصل عدد الحاويات بعد ثلاثة أشهر إلى سبع موزعة على بلدات وأحياء القطيف، وسأضيف أربع حاويات الأسبوع المقبل، موزعة على أحياء تركيا والشاطئ والمزروع والناصرة، إضافة إلى حاويات أخرى في المنيرة والعوامية لأن كميات الخبز كبيرة جداً، فعلى أقل تقدير أقوم يومياً بتعبئة ما مجموعه ثلاثة أكياس طحين من ثلاث حاويات فقط، وهناك حاويات يتم إفراغها مرتين في اليوم، وبخاصة الموجودة في حيي تركيا والناصرة». ويضع بدر رقم موبايله على الحاويات، ويتصل عليه البعض لمعرفة لمن يذهب الخبز، وكيف يتم التصرف فيه. وقال: «أجيب السائلين بكل صراحة إبراءً لذمتي». وحول آلية التصرف في كميات الخبز، ذكر أن «قيمة كيس الخبز الذي يبيعه تصل إلى عشرة ريالات، وكميات البيع تكون بحسب الزبائن، وأنا لا أسوِّق لبيع الخبز المجفف، وهناك زبائن يقومون بشراء الخبز بشكل مستمر، لإطعام الحيوانات، ولم تقتصر الحاويات على الخبز فقط، فالبعض يضع الرز الذي لا أبيعه، بل أوزعه على مزارع الدواجن، أما الخبز المختلط باللحوم فأرميه في البحر لإطعام الأسماك». وأكد بدر سريح أن هذه الفكرة «مربحة إلا أنها تحتاج إلى رأسمال وأيدٍ عاملة، تجول على الحاويات وتفرغها ومن ثم يجفف الخبز، ويفرز الصالح منه عن غيره. ومن ثم يوضع في أكياس»، مضيفاً: «توجد في محافظة القطيف الكثير من المدن والبلدات التي لم تصلها الحاويات، مثل صفوى، وتاروت وسيهات وغيرها، فيما تصلني طلبات هاتفية من سكان أحياء لوضع حاويات لديهم وأعتذر لهم، لعدم وجود حاويات حتى شوال المقبل، واقترح عليهم أن يضعوا براميل لتجميع الحاويات، ويضعوا عليها رقمي، وأنا سأقوم بإفراغ الخبز منها، ريثما أصنع المزيد من الحاويات»، لافتاً إلى أن «كلفة صناعة الحاوية الواحدة تراوح بين 500 و 600 ريال، وهذا يشكل عائقاً، إضافة إلى حاجتي لسيارة نقل، إذ أستخدم سيارتي الخاصة».