الرياض، رام الله - أ ف ب – لم تهدأ التحركات الديبلوماسية العربية التي تصب في مواجهة العقبات التي تواجه عملية السلام خلال الفترة الأخيرة، واتفق الجميع على ضرورة لمّ الشمل العربي، إذ كثفت السعودية ومصر وسورية والكويت واليمن اتصالات عربية موسعة ومتواصلة لتسوية ملفات المنطقة، ووضع الدول العربية بآخر تطورات المصالحة الفلسطينية التي تحتكرها السلطات المصرية، ورغبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في استئناف المفاوضات مع إسرائيل ضمن شروطه الخاصة، التي تجاهلت الحصار المفروض على قطاع غزة. بينما أوضح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، عقب لقاء جمعه بنظيره المصري أحمد أبو الغيط في القاهرة، أن المبادرة العربية للسلام موجودة وجاهزة للتطبيق، ونحن نعتقد أن هذه المبادرة قادرة على إنهاء الصراع بين الجانبين ولمصلحتهما، معرباً عن أمله بأن يتم تبني هذه المبادرة من كل الأطراف المعنية بعملية السلام قبل أن يضيع الوقت. وأفاد مسؤولون فلسطينيون أمس بأن دولاً عربية والقيادة الفلسطينية يعملون بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، من أجل بلورة أفكار لإحياء عملية السلام وفق أسس وجداول زمنية محددة. وشهدت منطقة الشرق الأوسط منذ بداية العام الحالي سلسلة من اللقاءات والزيارات بين قادة أبرز دول المنطقة، لاسيما مصر والسعودية وسورية والأردن، إضافة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حين استقبلت القاهرة نهاية كانون الأول (ديسمبر) رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وفي هذا الصدد، يصل المبعوث الأميركي للشرق الأوسط إلى المنطقة كمحاولة لتحريك عملية السلام المتعطلة، فيما يتوجه وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ومدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان إلى واشنطن، لطرح الأفكار التي تمت بلورتها خلال هذه اللقاءات أمام الإدارة الأميركية راعية عملية السلام في الشرق الأوسط. وتأتي هذه التحركات والتصريحات، بينما لا يزال الخلاف على الساحة الفلسطينية مستمراً، وترفض حركة حماس التوقيع على الوثيقة المصرية للمصالحة، واتهم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق مصر راعي المصالحة وحركة فتح بإدخال تغييرات على الورقة المصرية، معتبراً أن هذا الأمر حال دون توقيع «حماس» للورقة. وأوضح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة فرانس برس، أن أهم الأسس التي يهدف "هذا الحراك السياسي المكثف" إلى إرسائها هي إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان قبل البدء في أية مفاوضات. وقال عريقات: "نريد وقفاً شاملاً للاستيطان في عموم الأراضي الفلسطينيالمحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس". وتابع: "نريد استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر 2008 وحول كل قضايا الوضع النهائي مثل القدس واللاجئين والحدود والمياه والأمن والمستوطنات والأسرى". وأضاف عريقات: "نريد وضع جداول زمنية وفرق رقابة لتنفيذ ما يتفق عليه من انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة كافة منذ العام 1967، وجعل القدسالشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية". ولم يستبعد عريقات قيام القيادة الفلسطينية بالتوجه إلى مجلس الأمن "لانتزاع اعتراف بحدود دولة فلسطين على كامل حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967". وأوضح في هذا الصدد أن "المفاوضات والتوجه إلى مجلس الأمن يسيران بالتوازي، ونحن نحضر للتوجه إلى مجلس الأمن في اللحظة المناسبة". من جهته، أكد ديبلوماسيون عرب وغربيون في القاهرة نهاية ديسمبر الماضي، أن واشنطن بصدد إعداد خطابي ضمانات للفلسطينيين والإسرائيليين، ينبغي أن يشكّلا أساساً لاستئناف المفاوضات بينهما. أما صحيفة معاريف الإسرائيلية فأكدت الاثنين أن الولاياتالمتحدة وضعت خطة سلام، تهدف إلى حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني خلال سنتين، وتشمل ضمانات لتأمين نجاحها. وقال مسؤول فلسطيني آخر (رفض الكشف عن اسمه)، إن الدول العربية تدرك أن شلل عملية السلام "خطر على الجميع"، أما الإدارة الأميركية فهي "لا تستطيع تحمل الجمود السياسي". وأضاف المسؤول: "نحن بلورنا موقفاً عربياً مشتركاً، من خلال لقاءات مع السعودية ومصر والأردن وغيرها، وسيحمله إلى واشنطن الوزيران المصريان أحمد أبوالغيط وعمر سليمان، وهناك تحرك سعودي وأردني أيضاً مع الإدارة الأميركية"، وقال إن "الجميع سيناقش الأفكار العربية والفلسطينية التي تبلورت". من جهته، قال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: "سنكثف الحركة الفلسطينية والعربية السياسية مع مختلف الأطراف الدولية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من عملية السلام، لأن إسرائيل تتهرب من استحقاقات عملية سلام جادة". وتوقع أبو ردينة أن تظهر نتيجة هذه الجهود "خلال الأسابيع المقبلة". وقال انه "ما دامت الإدارة الأميركية لم تنجح في إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان الكامل، فإن على العرب والقيادة الفلسطينية إجراء مراجعة سياسية شاملة من خلال التحرك نحو مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار بترسيم حدود الدولة الفلسطينية على كامل حدود الرابع من يونيو 1967". وحذر ابو ردينة "من ان المنطقة بأسرها على فوهة بركان، وأمام تداعيات خطرة على الجميع"، مطالباً الإدارة الاميركية والمجتمع الدولي "بتحويل بياناتهم وأقوالهم إلى أفعال على الأرض، لأن الصمت الدولي إزاء التعنت الإسرائيلي هو الذي أدى إلى هذا الشلل وهذا الجمود".