يبدأ الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة غداً زيارة دولة تدوم يومين لمدريد. وقالت مصادر ديبلوماسية جزائرية إن الملف الأمني يمكن أن ينال «حصة الأسد» من المحادثات بين بوتفليقة ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو، إضافة إلى ملفي الصحراء الغربية و «الإتحاد من أجل المتوسط». وأفادت مصادر ديبلوماسية رسمية أن الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى إسبانيا غداً الخميس ستتناول ملفات الأمن والهجرة والتعاون في مجال الطاقة والصحراء الغربية، ووصفت الملف الأخير بأنه سيكون «مطروحاً بقوة على طاولة المحادثات مع ثاباتيرو». وتتزامن زيارة بوتفليقة لمدريد مع بداية الرئاسة الدورية لإسبانيا على الاتحاد الأوروبي. وأحجم الرئيس الجزائري منذ سنوات - متعمداً على الأرجح - عن المشاركة في لقاءات رفيعة المستوى مع نظرائه في اسبانيا، على رغم العلاقات الودية بينه وبين الملك خوان كارلوس. وتعتقد مصادر ديبلوماسية أن الظروف الحالية تسمح بإنجاح الزيارة، في إشارة إلى ما تراه الجزائر «بعض التوجه إلى حياد إسبانيا في خصوص الصحراء الغربية». ومعلوم أن إسبانيا هي المستعمر السابق للصحراء الغربية التي تخضع حالياً لسيطرة المغرب الذي يعتبرها جزءاً من أراضيه، في حين تسعى جبهة «بوليساريو» بدعم من الجزائر إلى تقرير مصيرها من خلال استفتاء على «تقرير المصير» يسمح للصحراويين بالاستقلال. ويقول المغرب إن الجزائر هي من يقف وراء عرقلة «وحدته الترابية»، ويتمسك بأن أقصى ما يمكن أن يُعرض لتسوية النزاع هو حكم ذاتي موسع، وهو أمر ترفضه «بوليساريو». وأفيد أن الزيارة المنتظرة للرئيس بوتفليقة لمدريد ستعرف لقاءات بين مسؤولي البلدين على أعلى مستوى لدرس عدد من الملفات التي تهم الطرفين، مع إمكان حصول لقاء بين بوتفليقة والملك خوان كارلوس. وعُلم أن أجهزة الأمن الإسبانية جمعت ملفات تخص «الإرهاب في الساحل الافريقي» على أمل عرض التعاون فيها مع الجزائر، علماً أن «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» يحتجز ثلاثة إسبان خُطفوا أواخر العام الماضي في موريتانيا. ويُتوقع أن يعمل بوتفليقة على استباق أي اتفاق قد يحصل بين الحكومة الاسبانية وخاطفي الرهائن لدى «القاعدة». ويقول مراقبون إن تفاوض إسبانيا مع هذا التنظيم سيشكّل إجهاضاً مباشراً وسريعاً لقرار دولي يسعى إليه بوتفليقة بهدف تجريم دفع فديات إلى الخاطفين. ولم يصدر القرار الدولي سوى في نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وكما أشارت «الحياة» سابقاً، سيكون ملف الطاقة على رأس المحادثات بين الطرفين نظراً إلى أهمية قطاع المحروقات على وجه الخصوص باعتبار أن الجزائر تعد ثالث أكبر ممون للغاز إلى أوروبا. وانتهى قبل أسابيع خلاف بين الحكومتين في هذا الشأن على خلفية البت في نزاع قضائي خاضته شركة البترول الجزائرية «سوناطراك» بخصوص سعر الغاز في السوق الأوروبية. وعاد الحكم لمصلحة الجزائر. وستمثّل الزيارة فرصة جديدة للجزائر لتوضيح رأيها في الخلافات في شأن الإتحاد من أجل المتوسط الذي أطلقه الرئيس نيكولا ساركوزي. واستضافت القاهرة، أمس، اجتماعاً خماسياً ضم وزراء خارجية مصر وفرنسا وإسبانيا وتونس والأردن وغابت عنه الجزائر لمناقشة تنشيط الاتحاد من أجل المتوسط. وللجزائر تحفظات في شأن وجود إسرائيل في الإتحاد والخطط الخاصة بتمويل مشاريع تنموية.