عشية انتخابات نيابية حاسمة في تركيا الأحد المقبل، اعتقلت قوات الأمن عشرات في جنوب شرقي البلاد حيث تقطن غالبية من الأكراد الذين اتهموا الحكومة ب»استفزازهم»، مكررين تعهدهم إنهاء «ديكتاتورية» الرئيس رجب طيب أردوغان. وتميّزت حملة أحزاب المعارضة بتجنب تبادل الاتهامات فيما بينها، وتركيز هجماتها على أردوغان الذي أقرّ بتراجع حماسة مؤيدي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في الاقتراع. وأعلنت قوات الأمن أنها أوقفت 43 فرداً في مقاطعة شرناق المحاذية للحدود مع سورية والعراق، اتهمتهم بالتخطيط لتنظيم تظاهرات في يوم الانتخابات. وأشارت إلى أن 37 منهم ما زالوا محتجزين. وحمّل النائب حسيب كابلان من «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي، «العدالة والتنمية» الحاكم، مسؤولية حملات الدهم والاعتقالات في المنطقة التي تُعتبر معقلاً للأكراد. وزاد: «العملية التي نفذتها حكومة حزب العدالة والتنمية قبل ثلاثة أيام من الانتخابات هي استفزاز، لكن الناس لن يتوتروا، وسنحبط تلك المحاولة». وقد يشكّل «حزب الشعوب الديموقراطية» شوكة في خاصرة «العدالة والتنمية»، إذ تُرجّح استطلاعات للرأي أن ينجح للمرة الأولى في تخطي عتبة ال10 في المئة من أصوات الناخبين، ودخول البرلمان بلائحة تضم عشرات النواب، ما يحرم الحزب الحاكم غالبية مريحة تتيح له الحكم منفرداً وتحويل النظام رئاسياً. وقال رئيس «حزب الشعوب الديموقراطية» صلاح الدين دميرطاش: «يعتقد الناس بأننا الوحيدون الذين يمكننا مواجهة سعي أردوغان إلى سلطات غير محدودة. وما يسميه هو رئاسة، نسميه نحن ديكتاتورية». دميرطاش (42 سنة) الذي خلع العباءة الكردية، مرتدياً حلة وطنية جذبت أفراداً من كل تركيا، رجّح أن ينال حزبه «العدد ذاته من الأصوات، من الأكراد ومن شرائح أخرى في المجتمع». وزاد: «نحن الحزب الوحيد الذي يحتضن الجميع، ويعكس التعددية في تركيا». ونبّه إلى أنه ليس «نجم روك»، وتابع: «أريد من الناس أن يدعموني بسبب سياساتي، ولأن قيمي وُلِدت من النضال والمعاناة». في المقابل، أقرّ أردوغان بتراجع اهتمام أنصار «العدالة والتنمية» بالانتخابات، اذ قال: «أخرج إلى الناس في لقاءات جماهيرية، لكنني لا ألمس ما كنت ألاقيه سابقاً من زخم خلال الحملات الانتخابية السابقة». ويتعرّض أردوغان إلى انتقادات من كل أحزاب المعارضة، اذ اتهمته بالدعاية علناً للحزب الحاكم، منتهكاً الدستور الذي يُلزم الرئيس بالحياد. لكنه لم يأبه لذلك، اذ ردّد أمام حشد في محافظة قارص الشعار الانتخابي للحكومة: «هم يتكلمون وحزب العدالة والتنمية يفعل». ويعتبر قياديون مخضرمون في الحزب الحاكم أن تدخل أردوغان في الحملات الانتخابية لمصلحة الحكومة، عزّز الضغط عليها وأسفر عن نتائج عكسية، تطاول رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي يتزعّم «العدالة والتنمية». ودفع تدخل الرئيس التركي كل أحزاب المعارضة على اختلاف توجهاتها، إلى استهداف أردوغان والحكومة. وأوقف رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي انتقاداته ل»حزب الشعوب الديموقراطية»، مدركاً أن دخول الأخير البرلمان قد يساهم في إسقاط الحكومة. إلى ذلك، رجّحت منظمتان أهليتان أن يبلغ عدد المتطوعين لمراقبة صناديق الاقتراع، 70 ألف شخص، من أجل ضمان عدم حدوث تزوير، علماً أن الحزب الحاكم واجه اتهامات في الانتخابات البلدية السابقة بتزوير أصوات في بلدية أنقرة. في غضون ذلك، وقّعت 30 شخصية تركية، بينها أورهان باموك الحائز جائزة نوبل للآداب، رسالة بعنوان «نحن معكم» في صحيفة «جمهورييت» المعارضة، تأييداً لرئيس تحريرها جان دوندار الذي رفع أردوغان شكوى ضده، بعد نشرها صوراً لتسليم أسلحة إلى جهاديين في سورية.