أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال لقائه نواباً مسيحيين من قوى «14 آذار» و«اللقاء الديموقراطي» ومستقلين لمناسبة مرور سنة على الفراغ الرئاسي في لبنان «ضرورة الاتفاق على مخرج ديموقراطي ينطلق من الدستور الواضح في مواده المختصة بانتخاب رئيس للجمهورية»، آملاً في هذا «اللقاء التاريخي في هذا الوقت الحرج التفكير في إمكان إيجاد مثل هذا المخرج لحل أزمة الفراغ في سدة الرئاسة فلا أحد مستعد لهزيمة، وعار جديد أن نبدأ عاماً جديداً والفراغ في سدة الرئاسة». واستضاف الراعي في بكركي النواب المسيحيين الذين يشاركون في جلسات انتخاب الرئيس وحضر منهم 29 نائباً يمثلون «الكتائب» و«القوات اللبنانية» و«المستقبل» و«اللقاء الديموقراطي» والمستقلون وأبرزهم النائب ميشال المر. وتوجه الراعي إلى النواب قائلاً: «أنتم هنا للإعراب عن استيائكم المرير من عدم انتخاب رئيس منذ 14 شهراً، ومن فراغ سدة الرئاسة منذ سنة كاملة ويوم، بسبب أن 42 زميلاً لكم في النيابة يقاطعون الجلسات ال23 التي جرت منعاً لاكتمال النصاب، معتبرين أنهم يريدون رئيساً قوياً يصنع في لبنان ومن لبنان. وأنتم هنا للبحث عن مخرج لأزمة الفراغ. نحن معكم في الاستياء بوجهيه، وفي البحث عن المخرج، ونحن معهم بالمطلب لا بالوسيلة». وأضاف: «كلنا نريد رئيساً يصنع في لبنان ومن لبنان، ونريده قوياً في شخصيته الحكيمة الراقية المنفتحة، القادرة على جمع اللبنانيين حول دولة عادلة وقادرة ومنتجة، يولد منها «وطن نهائي لكل أبنائه»، كما نقرأ في مقدمة الدستور. وهو وطن مميز بخصوصيته». وقال: «الوطنية السياسية قامت على ثلاثة: العيش المشترك بالحرية والمساواة في المشاركة وبحفظ التعددية. الميثاق الوطني كشريعة ناظمة للعمل السياسي، ناتجة من خلاصة تاريخ مشترك من تجربة العيش المسيحي - الإسلامي. والصيغة التي تطبق عملياً هذا الميثاق: فتنظم المشاركة الفعلية بين المكونات اللبنانية في النظام السياسي وتحقيقها، بغية أن يتمكن لبنان من أن يقوم بجناحَيه المسلم والمسيحي». ورأى أن «هذا الميثاق بصيغته يعلو كل تدبير سياسي أو إداري، حتى أن دستورنا اللبناني يؤكد في مقدمته: لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. واليوم في خضم الأزمات التي يمر بها لبنان، ويتأثر في العمق بما يجري من حوله في المنطقة من تحولات جذرية على أساس من النزاعات والحروب المدمرة». وقال: «أما كيف الخروج من أزمة فراغ سدة الرئاسة وحالة تعطيل النصاب، فيجب أولا إعلان فعل إيمان بلبنان الدولة والوطن، والانطلاق من ثوابتنا الوطنية، والإقرار بأخطاء مخالفة للدستور متمادية اقترفها الجميع. ويجب ثالثاً التوافق على المخرج الدستوري من أجل ضمانة الالتزام به، لكن الأساس الأصيل لهذه الثلاثة هو الإخلاص للبنان وجعله فوق كل اعتبار شخصي أو فئوي أو مذهبي». مصادر المجتمعين وتوضيح بكركي وذكرت مصادر المجتمعين أن الراعي شدد أكثر من مرة على ضرورة التمسك بالدستور. ولفت إلى أنه رد على وفد «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي عندما زاره في بكركي وأطلعه على مبادرة العماد ميشال عون بأنه «صحيح أن عون يمثل شريحة أساسية من المسيحيين لكن المطروح يتطلب موافقة الآخرين وإذا لم يسيروا بالطرح هل نبقى مكاننا؟ المطلوب مخرج ما للحال التي نحن فيها». وأضاف الراعي أن الوفد لم يجبه على سؤاله واكتفى بالقول إنهم يريدون «مراجعة حلفائنا». ومضى الراعي بالقول أن عندما زاره وفد من «حزب الله» في بكركي «قلت لهم إن مرشحكم ميشال عون، لكن إذا لم تتوافر إمكانية للمضي فيه هل نبقى مكاننا ولا بد من مخرج». وقال: «إن الوفد رد عليه «دعونا نراجع ميشال عون». وأشارت المصادر إلى أنه خلال اللقاء طرح أحد النواب جلسة انتخابية بالنصف زائداً واحداً فرد الراعي إن «هذا الموضوع عندكم أنتم النواب وليس عندي وإذا كان هناك إجماع عليها فهذا أفضل من البقاء في الفراغ. تمشون فيها على مسؤوليتكم». وفي هذا الإطار اكد المكتب الإعلامي في بكركي أن البطريرك الراعي لم يتبن طرح النصف زائداً واحداً إنما وافق على نقل جملة اقتراحات إلى الرئيس بري، ومنها اقتراح البحث في النصاب الدستوري، النصف زائداً واحداً». وأعلن مسؤول الإعلام في بكركي وليد غياض أن البطريرك الراعي لم يعط رأيه بالنصاب بل وافق على نقل الاقتراح إلى الرئيس بري ومناقشته معه، مشيراً إلى «أن ما يتفق عليه النواب مع الرئيس بري يوافق عليه البطريرك الراعي». بيان واثر اللقاء، تلا وزير الاتصالات النائب بطرس حرب بياناً، قال فيه: «بعد التداول في الفراغ المستمر في موقع رئاسة الجمهورية المسيحي منذ سنة، تبنى المجتمعون الكلمة التي ألقاها البطريرك ولا سيما تأييده وجوب احترام أحكام الدستور لجهة انتخاب رئيس ورفضه استمرار الفراغ ما يعرض لبنان لأكبر المخاطر». وأعلن عن «تشكيل لجنة من الحضور قوامها إلى حرب، نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، جورج عدوان، نديم الجميل وعاطف مجدلاني، للتواصل مع رئيس البرلمان بالخطوات التي اتفق عليها الحاضرون وقتها، واعتبار المجلس في حال انعقاد وفق الدستور. وأشار إلى «توجه المجتمعين لتأمين حضور يومي في المجلس لانتخاب رئيس واعتبار النصاب الدستوري لانعقاد الجلسات ما بعد الدورة الأولى هو الأكثرية المطلقة قياساً، على اعتبار النصاب في الدورة الأولى الثلثين، لأن انتخاب الرئيس في الدورة القادمة يتم بالأكثرية المطلقة أي نصف عدد نواب المجلس زائداً واحداً». وأعلن أن الجميع «تمنوا على البطريرك دعوته كل النواب الذين يثابرون على حضور جلسات انتخاب الرئيس من جميع الطوائف والمذاهب والمناطق، إلى اجتماع يعقد في بكركي لاتخاذ الخطوات المناسبة وتكليف اللجنة المذكورة أعلاه التنسيق مع الراعي لتحقيق كل ما سبق». ورداً على سؤال، قال: «تفاهمنا مع البطريرك الذي رحب بالفكرة جيداً على أن عملنا ليس مسيحياً فقط بل هو وطني، وموضوع الرئاسة يعني جميع اللبنانيين، لذلك طلبنا منه اتخاذ المبادرة ودعوة كل النواب الذين ينزلون إلى المجلس للاجتماع أكانوا مسيحيين أم غير مسيحيين في بكركي برئاسته للاتفاق على ما يمكن أن يتخذ من خطوات تسهل انتخابات الرئاسة وتملأ الشغور الحاصل». وأوضح مكاري أنه «ليس من بين أعضاء اللجنة، كما جاء خطأ في البيان الختامي»، وقال: «انه أبلغ إلى المجتمعين تكراراً اعتذاره عن عدم المشاركة فيها، موضحاً لهم الأسباب التي تدعوه إلى ذلك». واعتبر المر «أن بكركي صرح وطني، وأن الاجتماع فيها مهم»، مشدداً على «ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس وعلى طمأنة المسيحيين إلى وجودهم وديمومتهم في ظل ما يعيشون في لبنان والشرق الأوسط في هذه الأيام». وقال مجدلاني باسم كتلة «المستقبل»: «أتينا لنقول إننا مع غبطته في ضرورة العودة إلى الدستور للخروج من هذه الأزمة والوصول إلى انتخاب رئيس لكل اللبنانيين، ينهي مرحلة القلق والخطر على المصير ويسمح بالعبور إلى مرحلة جديدة». ولفت إلى أن «من يطلق الأفكار والاقتراحات لحل أزمة الفراغ هو نفسه من يقاطع جلسات الانتخاب ثم يتسبب بهذا الفراغ». ودعا «إلى فك رهن لبنان وتحرير رئاسة الجمهورية المخطوفة من «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» في محاولة لفرض رأيهما على غالبية اللبنانيين». وقال النائب أنطوان زهرا باسم «القوات»: «المطلوب الالتزام بالدستور وانتخاب رئيس إذ ينص الدستور على التئام المجلس حكماً عند شغور الرئاسة». ودعا إلى «الاعتصام في المجلس حتى اكتمال النصاب»، وقال: «اتفقنا على اعتبار الجلسات مفتوحة، إذا ما وافق الرئيس بري على الفكرة تطبيقاً للدستور حتى تأمين النصاب وانتخاب رئيس». وذكر عدوان «أن النائب إيلي كيروز سبق وتقدم باسم كتلة القوات بكتاب بأن القوات ترى أن النصاب بعد الدورة الأولى للانتخاب ليس مشترطاً في الدستور أن يكون الثلثين». أما نديم الجميل فلفت باسم «الكتائب» إلى انه «لا يمكن لأحد ولا لصرح بكركي أن يساوي بين الذين يحضرون جلسات الانتخاب وبين المقاطعين»، وقال: «هناك كلام عن إمكان انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً أو بحسب الآلية الدستورية القائمة».