قالت القاهرة إنها تسعى إلى إحداث توافق بين القبائل الليبية على «حل سياسي» للأوضاع المتوترة في بلادهم «يستثني المسلحين»، بهدف «حشدها خلف الحكومة الشرعية من أجل القضاء على الإرهاب ومنع تقسيم ليبيا». لكنها استبعدت أن تنخرط تلك القبائل في الحرب ضد الجماعات المسلحة، مشيرة إلى أن «للمجتمع الليبي خصوصيته». وتستضيف القاهرة مؤتمر «ملتقى مشايخ وأعيان القبائل والمدن والمناطق الليبية: معاً من أجل ليبيا» بمشاركة أكثر من 220 من زعماء وشيوخ القبائل الليبية من الشرق خصوصاً، وأيضاً من الجنوب والغرب. ويختتم غداً المؤتمر الذي افتتح مساء أول من أمس ببيان سيكون بمثابة خطة عمل للقبائل في المرحلة المقبلة. ويبحث ممثلو القبائل في جلسات مغلقة في الدور المنوط بقبائلهم في الفترة المقبلة من أجل الحفاظ على وحدة أراضي بلدهم. ودعت القاهرة إلى المؤتمر القبائل والعواقل القريبة بطبيعتها من الحكومة المعترف بها دولياً برئاسة عبدالله الثني. وقال ل «الحياة» الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي إن «كل القبائل التي وجهت إليها الدعوات شاركت في المؤتمر بلا استثناء»، نافياً ما أثير عن رفض قبائل ليبية الحضور. وأوضح أن «مصر وجهت الدعوات إلى شخصيات ليبية حضرت جميعاً». ولفت إلى أن «المجتمع الليبي مجتمع له خصوصية. القبائل هي العمود الفقري للحفاظ على ليبيا ولها دور وتأثير ونفوذ قوي على الأرض، وأي حل سياسي لا يمكن تفعيله من دون التراضي بينها، ومن هنا تستضيف مصر مؤتمر القبائل في محاولة لإحداث نوع من التوافق على حل سياسي لا يشمل قطعاً الجماعات المسلحة، من أجل منع تقسيم الأراضي الليبية في ظل الأوضاع الحالية». وقال أحد شيوخ القبائل المشاركين ل «الحياة»، إن المشاركين بحثوا في أول أيام المؤتمر في الجلسات المغلقة في «دور القبائل في التصدي لجماعات العنف والإرهاب والمسلحين»، موضحاً أن «القبائل تدرس كيفية تحصين شبابها ضد الانضمام إلى تلك الجماعات، ومن بين الأمور التي قد تتبناها القبائل لكنها ما زالت محل درس، رفع الغطاء القبلي عن المسلحين من أبنائها». وظهر أن هذا التوجه قريب من سياسة اعتمدتها قبائل سيناء في شرق مصر بالتوافق مع السلطات، بحيث تنخرط القبائل في الحرب التي تخوضها قوات الجيش والشرطة ضد الإرهاب في سيناء. وبين أهم أعمدة تلك السياسة رفع الغطاء القبلي عن أبناء القبائل المنخرطين في الجماعات المسلحة، وأيضاً الانخراط في العمليات المسلحة ضد المسلحين في الأراضي التي تتبع تلك القبائل. لكن الناطق باسم الخارجية المصرية أوضح ل «الحياة» أن «السياقين مختلفان تماماً». وقال إن «الأوضاع في ليبيا ليست كما في سيناء. ليبيا دولة لها خصوصية، والقبيلة فيها تلعب دوراً رئيساً ومحورياً وتكاد تكون العمود الفقري للدولة، ولذا يختلف السياق تماماً عن سيناء، وتلك التجربة (في سيناء) غير واردة، ولا علاقة إطلاقاً بين مؤتمر القبائل الليبية وما يبحث فيه، وبين تجربة قبائل سيناء». وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في القاهرة امتعاض بعض شيوخ القبائل من حضور سفراء دول عربية دعمت العملية العسكرية لحلف شمال الأطلسي في ليبيا لإسقاط نظام معمر القذافي. لكن عبدالعاطي نفى ل «الحياة» ما أثير عن انسحاب زعماء قبائل من المؤتمر. وقال إن «الحديث عن انسحاب أطراف ليبية من المؤتمر غير صحيح على الإطلاق». وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري افتتح المؤتمر بتأكيد أن «الظروف الحالية التي تمر بها أمتنا العربية والتي تشهد تحديات غير مسبوقة، ضاعفت المسؤولية على مصر التي تسعي إلى حشد الجهود المخلصة والصادقة كافة من أجل النجاح في تخطي المخاطر التي تحيط بنا والتغلب عليها وإعادة الاستقرار والأمن إلى بلداننا». وأكد أن «مصر حريصة أشد الحرص على مصلحة ليبيا الشقيقة وأمن شعبها واستقراره»، مشدداً على «ضرورة استعادة السلم المجتمعي واللحمة والترابط بين مكونات الشعب الليبي، ما دفعنا إلى استضافة هذا الملتقى الهام». وأضاف أن «العالم ينتظر توحد كلمتكم، ويتطلع إلى دوركم الهام في تحقيق الاستقرار في ربوع ليبيا كافة، وينتظر المساهمة الفعالة في تحقيق الاستقرار الأمني على الأرض، وممارسة دور مجتمعي من خلالكم بدعوة الشباب الليبي إلى ترك السلاح والعودة إلى الانخراط المثمر في النسيج المجتمعي، والعمل من أجل بناء الدولة الليبية وتحقيق السلم والرخاء لشعبها». وقال: «أمامكم فرصة لوضع لبنات الاستقرار والوئام المجتمعي في ليبيا... مصر لن تتوانى عن دعم أشقائها الليبيين حتى يصلوا بر الأمان وتتحقق المصالحة بينهم». وقال الشيخ مسعود عمر في كلمة نيابة عن القبائل الليبية إن «القبائل تعوّل كثيرا على هذا المؤتمر في الخروج من المرحلة الصعبة التي تعيشها ليبيا»، مضيفاً أن «القبائل تطالب الحكومة المصرية بدعم الشرعية الليبية ممثلة بمجلس النواب المنتخب وحكومته الشرعية ودعم الجيش الليبي بالسلاح، والنضال لرفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبي». وانتقد الأممالمتحدة ودولاً «تكيل بمكيالين». وقال: «لماذا الحرب والتحالف ضد الإرهاب في دول ومنع السلاح عن ليبيا وجيشها لمحاربة داعش والإرهاب؟ الإرهابيون في ليبيا يلعبون الكرة برؤوس الرجال ويدمرون المدن ويقتلون الأبرياء». وطلب من مصر «بذل جهد إضافي دولي وإقليمي للعمل على رفع حظر تسليح الجيش الليبى ومده بالسلاح والمعدات لتحرير البلاد من الإرهاب»، كما طلب تسهيل الحركة عبر الحدود مع مصر.