اعتقد مسؤول رئاسة الشؤون الدينية في تركيا محمد غورماز بأنه سيرتاح من تعليقات جارحة واتهامات بالتبذير طاولته، بعدما أمر ببيع سيارة فخمة اشتراها قبل نحو ستة أشهر، بأكثر من 150 ألف دولار. لكنه لم يحسب حساب دخول الرئيس رجب طيب أردوغان على الخط، رافضاً خضوع رجله المخلص لضغوط المعارضة، ومعتبراً أن لا إسراف في حصول «موظف مرموق في الدولة على سيارة فارهة، لأن السيارة تعكس علوّ شأن المنصب، لا شاغله». وخصّص أردوغان لغورماز سيارة مصفحة أكثر ثمناً ورفاهية، استأجرها من موازنة قصر الرئاسة، ما أجّج انتقادات المعارضة التي تضرب على وتر الوضع الاقتصادي المتراجع في تركيا، وتتهم الحكومة بالإسراف في الإنفاق على موظفيها والتقتير في رفع الرواتب ومعاشات التقاعد. وفيما اختفى غورماز عن الأنظار، حاول وزير المال محمد شيمشيك الدفاع عن خطوة أردوغان، معتبراً أن «ثمن السيارة يشكّل تقريباً قيمة شراء مكسرات في الموازنة العامة». وأشار إلى أن كلفة تخصيص سيارات للمسؤولين في تركيا، البالغة 3.4 بليون ليرة تركية (نحو 1.5 بليون دولار)، تشكّل نحو 7 في الألف من الموازنة العامة البالغة 473 بليون ليرة. تصريح شيمشيك أشعل الجدل الساخن أصلاً في شأن اتهام الحكومة بالتبذير، ما يبدو أنه بدأ يؤثر في شعبية الحكومة قبل الانتخابات النيابية المرتقبة الشهر المقبل. وأظهر استطلاع للرأي أعدّته مؤسسة «سونار» البارزة تراجع شعبية حزب «العدالة والتنمية» الحاكم من نحو 50 إلى 41 في المئة، في مقابل 26 في المئة ل»حزب الشعب الجمهوري» المعارض و18 في المئة لحزب «الحركة القومية». وفي تحليلها للاستطلاع، رجّحت «سونار» أن يواجه «العدالة والتنمية» صعوبة في الحكم منفرداً، مع احتمال دخول «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي البرلمان، اذ بلغت شعبيته نحو 10.5 في المئة، متجاوزاً عتبة ال10 في المئة التي تتيح له دخول البرلمان. ولفت الاستطلاع إلى أنه حتى إذا بقي الحزب الكردي خارج البرلمان، فإن الحزب الحاكم قد ينفرد بالسلطة، ولكن بعدد أقل من النواب وبغالبية بسيطة تُعتبر سابقة منذ تسلّمه السلطة عام 2002. وهناك شكاوى متزايدة من تدخل أردوغان في الحملات الانتخابية لمصلحة الحكومة، وعرقلته حملات المعارضة، إذ اشتكى حزب «السعادة» بزعامة مصطفى كمالاك، من إلغاء أكثر من مهرجان انتخابي لحزبه في مدن كثيرة، لأن الرئيس التركي قرر زيارة تلك المدن ومخاطبة سكانها في الساحات العامة، علماً أن المحافظين يقدّمون طلبات أردوغان على سواها في حجز الساحات العامة، ولو جاءت متأخرة. وأفادت تقارير إعلامية بأن كل الأحزاب واجهت هذه المشكلة، بما في ذلك «العدالة والتنمية» الحاكم ورئيسه أحمد داود أوغلو. ونشرت صحيفة «سوزجو» المعارضة تقارير تفيد باستخدام أردوغان وداود أوغلو موازنة الدولة في تنقلهما خلال الحملة الانتخابية، في انتهاك لنزاهة الانتخابات. كما رصدت استخدامهما لقوات الأمن والشرطة من أجل إزالة لوحات وشعارات ترفعها المعارضة في مدن كثيرة، ما دفع رئيس «حزب الشعوب الديموقراطية» صلاح الدين دميرطاش إلى التحذير من أن «أردوغان وحكومته سيفعلان أي شيء لئلا يتركا السلطة، ولو انتهك القانون».