لم تكن حفلات الاعتزال في السابق سوى محاولات تكريم من إدارات أو أعضاء شرف في النادي يبذلون كل ما بوسعهم لتوديع اللاعب بعد ابتعاده عن "المستطيل الأخضر" خير توديع... وكان مهرجان الاعتزال حينها يستنزف جيوب أعضاء الشرف والإدارات والمكرمين والمساهمين في محاولة لإظهاره على أكمل وجه. لكن "المهرجان" الاحتفالي تغير حالياً، فأضحى بعداً جديداً من أبعاد التعاون ما بين الأندية والقطاع الخاص... أصبحت للمهرجان فوائد لأطراف عدة.. الشركات الراعية والقنوات الفضائية واللاعب المعتزل وأطراف أخرى مستفيدة. تحول المشهد من مجرد حال "استنزاف" إلى مرحلة "استثمار جزئي" يسهم فيه عضو الشرف بتكاليف أحد الفرق الشهيرة لتشارك في المباراة "التوديعية"، فيما تتولى اللجان المنظمة "بلورة" الحفلة لتظهر بالشكل المطلوب وسط عوائد مرتقبة من النقل التلفزيوني وحقوق الرعاية وإعلانات المضمار وقيمة التذاكر إلى آخرها من المداخيل المالية. لم تقتصر الفائدة في التحول الجديد على النواحي المالية، ففي حملات الترويج التي سبقت حفلات الاعتزال التي شهدناها أخيراً كانت هناك روح جديدة للتسويق والترويج بآلية إعلانية احترافية، كان ليد "القطاع الخاص" دور في رسمها بالشكل التي ظهرت عليه ولم تكن الأندية لتنجح في ذلك مقارنة بالخبرات والإمكانات العريضة التي تتمتع بها "الشركات الكبرى" في هذا الجانب، وهنا لم تكن الفائدة للأندية بالارتقاء على صهوة "جواد" الشركات الإعلانية فقط بل ترويج شعار النادي ونجومه بآلية مختلفة وهو ما شهدناه في اعتزال سامي الجابر. وليس هذا فحسب بل ان وجود أندية عالمية كبرى في مهرجانات الاعتزال كانت له فوائد فنية عريضة للاعبين المشاركين، فأن يلعب لاعبون سعوديون في اعتزال ماجد عبدالله أمام ريال مدريد ويواجهون نجوماً عالميين ويشعرون بالقدرة على مقارعتهم - حتى لو في مباراة ودية - ففي ذلك كسب نفسي كبير لا يمكن تجاهله، خصوصاً أننا في نهائيات كأس العالم التي شاركنا فيها واجهنا أزمة "الرهبة" عند مقابلة المنتخبات العالمية البارزة. وإذا طفقنا نعدد الفوائد التي باتت تعود بالنفع على الرياضة السعودية من مهرجانات الاعتزال فلن نغفل التواجد في بؤرة الاهتمام الإعلامي الدولي ومنح فرصة لوسائل الإعلام الدولية والخبراء الرياضيين للاطلاع على التجربة السعودية والاقتراب منها عن كثب أو على الأقل طرح الأسئلة لمعرفة المزيد عنها. خلاصة القول، مهرجانات الاعتزال لم تعد مجرد تكريم عابر يستهلك الجيوب والجهود بل أضحى تجربة ثرية ومفيدة تجعلنا نتفاءل بأن تتواصل. منصور الجبرتي