وجد عشرات العمال الوافدين ضالتهم، في أحد شوارع الدمام، كملجأ لهم للحصول على فرص عمل تأتي إليهم. ويحتل هؤلاء العمال هذا الشارع، لاصطياد الزبائن الباحثين عن عامل للعمل في منازلهم، في أعمال السباكة، والكهرباء، ونقل الأثاث.ويفترش العمال، وهم من جنسيات مختلفة، شارع الملك خالد (الخزان)، ويجلسون على جنباته، بحثاً عن زبائن، يتهافتون عليهم من كل مكان، معتقدين أن أجرهم أقل مقارنة في المحال أو الشركات الأخرى، التي تعمل في مجال السباكة والكهرباء والصيانة والترميم. فما أن تتوقف سيارة، وينطلق بوقها، حتى تتسارع خطاهم لها، على أمل الاتفاق مع سائقها. وعلى رغم أن طبيعة العمل تختلف من عامل الى آخر، وزبون وآخر، إلا أن هؤلاء العمال، يعملون في كل المجالات، ويدعون أنهم يلمون بمتطلباتها كافة، حتى لو تطلب العمل بناء منزل. ويتكرر هذا المشهد يومياً، حتى أصبح مألوفاً لدى المارة، والسائقين، الذين اعتادوا على رؤيتهم خلال مرورهم في هذا الشارع، طارحين في الوقت ذاته أسئلة لا تجد أجوبة، عن دور الجهات الرقابية تجاه هؤلاء العمال، الذين لا يفارقون الشارع، إلا عند حصولها على عمل، حتى لو استلزم ذلك البقاء ساعات طويلة، قد تصل إلى منتصف الليل. ويذكر حمدين مصطفى، وهو أحد الملازمين لذلك الشارع، أنه قدم الى المملكة كعامل بناء، وأن كفيله طلب منه العمل الحر، مقابل أن يعطيه في كل شهر مبلغ 300 ريال. ويقول: «إن هناك عدداً من الأشخاص يأتون الى هذا الشارع، بحثاً عن كهربائيين، أو سباكين، أو دهانين في منازلهم»، مشيراً إلى أنهم أحياناً يتجنبون دوريات الأمانة، أو الجوازات، تفادياً لمساءلتهم عن أوراقهم الرسمية، التي غالباً ما تكون غير سارية المفعول، أو تكون المهنة المُزاولة تختلف عن المُسجلة رسمياً في الإقامة، ما يعرضهم إلى عقوبات أو غرامات مالية، وفي بعض الأحيان إلى الترحيل إلى بلدانهم. ويضطر شيخ محمد (بنغالي) إلى الجلوس لساعات طويلة في شارع الخزان، من أجل الحصول على أي عمل، يتقاضى منه أجراً بالساعة. ويذكر أن دخله اليومي قد يصل إلى 150 ريالاً، وقد يعود إلى منزله خالي الوفاض، مشيراً إلى أن عملهم يكون دائما بنظام الساعة، وأنه يجيد كل أنواع العمل، على رغم أن مهنته الأساسية «عامل بناء». ويؤكد عمال آخرون، على أنهم يعلمون أن عملهم ووقوفهم في هذا الشكل «مُخالف لأنظمة العمل والعمال»، وأن تصرفاتهم قد تؤدي بهم إلى السجن أو دفع غرامات مالية كبيرة، إلا أنهم يشيرون إلى أنهم مضطرون لهذه النوعية من الأعمال، بحجة أن أجورهم في أعمالهم الأساسية «غير كافية لسد احتياجاتهم والإنفاق على عائلاتهم»، وأن العمل الحر «أفضل بكثير من الوظائف الثابتة»، التي يتقاضون عليها أجوراً شهرية «قليلة جداً». وعندما يلمحون دوريات الأمانة أو الجوازات، يحاول العمال المنتشرون في شارع الخزان، الهرب والاختفاء بعيداً عنها، ولكنهم يعودن إلى أماكنهم بعد وقت قليل من رحيل الدوريات، لافتين إلى أن هذا المشهد يتكرر في كثير من الأوقات، وأنهم أصبحوا معتادين عليه، ولا يجدون أي مشكلة في التعامل معه. وأكدوا على أن كفلاءهم لا يهتمون كثيراً لوجودهم في شكل دائم في هذا الشارع، الذي أصبح يسمى عند الكثير من المواطنين «شارع العمالة»، وأن المهم لديهم هو الحصول على مبلغ مقطوع في نهاية كل شهر، يصل إلى 300 ريال بخلاف رسوم الإقامة والكشف الطبي، مخالفين بذلك التعليمات المُشددة من وزارة العمل والجوازات، التي لا تسمح لأي مواطن باستقدام عمال أجانب، وتسريحهم في الشوارع.
