عندما قرّر لاعب الوسط لويس إنريكي الانتقال من ريال مدريد، الذي تُوّج معه بجميع مسابقات كرة القدم المحلية، إلى معسكر الغريم الأزلي برشلونة عام 1996، صُنّف من جمهور النادي «الملكي» ب«الخائن». لكن إنريكي لم يكن خائناً لأنه عاد إلى الفريق الذي أهّله كروياً وعلّمه أصول اللعبة حين كان يافعاً، من 1976 حتى 1981، قبل أن يُقرر اختبار حظوظه مع سبورتينغ خيخون من 1981 حتى 1991، وصولاً إلى ارتداء قميص النادي «الملكي»، الذي دفاع عن ألوانه من 1991 حتى 1996، وتُوّج معه ببطولة الدوري 1995 والكأس 1993 وكأس السوبر 1993 أيضاً. وعندما حلّ عام 1996 فاجأ إنريكي الجميع بطلب تحريره من عقده لأجل العودة إلى فريق بدايته برشلونة من دون أي مقابل. لم يشكل انتقال إنريكي إلى «كامب نو» مفاجأة لجمهور الريال وحسب، بل إن جمهور برشلونة كان متردداً في بداية الأمر في تبني هذا الانتقال، لكن سرعان ما نجح ابن خيخون في كسب مودته بعد أن دافع باستبسال عن ألوانه في الأعوام الثمانية التي قضاها في صفوفه وأسهم خلالها بقيادته إلى لقب الدوري مرتين والكأس مرتين وكأس السوبر وكأس الكؤوس الأوروبية وكأس السوبر الأوروبية مرة واحدة في مشوار ارتدى خلاله شارة القائد، وسجل أيضاً في مرمى فريقه السابق ريال مدريد. لكن أحداً لم يتوقع أن يصل الأمر بإنريكي البالغ من العمر 45 عاماً، أن يتولى مهمة تدريب الفريق الأول في النادي «الكاتالوني»، الذي كان له الفضل أيضاً في تأهيله تدريبياً وذلك بمنحه مهمة الإشراف على الفريق الرديف من 2008 حتى 2011. ولعبت الظروف الطارئة دوراً في وصول إنريكي إلى منصبه الحالي، على رغم خبرته التدريبية المتواضعة مع روما الايطالي (2011-2012) وسلتا فيغو (2013-2014)، فرحيل رفيق دربه جوسيب غوارديولا عن الفريق عام 2012 بعد أن قاده إلى 14 لقباً في أربعة أعوام هزّ عرش الكتيبة الكاتالونية، وحاول القائمون عليها تعويضه بمساعده تيتو فيلانوفا، لكن المرض دخل على الخط وأدى في نهاية المطاف إلى وفاة الأخير. ثم لجأ برشلونة إلى الأرجنتيني خيراردو مارتينو، لكن الأخير فشل في مهمته وخرج من الموسم الماضي خالي الوفاض، ما فتح الباب أمام إنريكي للسير على خطى غوارديولا والإشراف على الفريق الأول. وكانت المخاطرة كبيرة بالتعاقد مع إنريكي، لكنه أثبت أن الرهان عليه وعلى حبه لقميص النادي كان في محله، إذ تمكن في موسمه الأول معه من قيادته إلى لقب بطل الدوري المحلي، وها هو على بعد 180 دقيقة من الثلاثية بعد بلوغ النادي «الكاتالوني» نهائي مسابقتي الكأس المحلية ودوري أبطال أوروبا، إذ يتواجه مع أتلتيك بلباو ويوفنتوس الإيطالي على التوالي. وأصبح إنريكي تاسع مدرب يقود برشلونة إلى اللقب في موسمه الأول معه، لكن المشوار نحو المجد في موسمه الأول لم يكن سهلاً بل تخلله بعض المطبات، بعد أن حاول تكرار تجربته في روما إذ أقصى القائد الأسطوري فرانشيسكو توتي من التشكيلة الأساسية، وذلك من خلال تلقين نجمي الفريق الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار درساً لتأخرهما في عطلة الميلاد ورأس السنة من خلال إبعادهما عن التشكيلة في المباراة الأولى من العام الجديد أمام ريال سوسيداد. وتسبب هذا القرار، خصوصاً بعد خسارة تلك المباراة، إلى توتر العلاقة مع ميسي ما دفع بإنريكي إلى القول بأنه سيرحل من تلقاء نفسه بعد سبعة أشهر فقط عن رأس الإدارة الفنية للفريق «الكاتالوني» في حال لم يلق الدعم اللازم من لاعبيه، وذلك رداً على التقارير التي تحدثت عن إمكان التخلي عن خدماته، لكن سرعان ما عادت الأمور إلى مجاريها بعدما أجاد إنريكي التعامل مع نجومه الكبار في الفريق.