كشف القيادي البارز في حركة «حماس» الدكتور خليل الحية عن مقترح جديد لتشكيل حكومة توافق وطني فلسطيني أطلق عليها «حكومة مهمّات». وتوقع أن تشن اسرائيل حرباً جديدة على قطاع غزة «أشرس» من سابقتها التي دامت 22 يوماً وانتهت الى وقف هش لإطلاق النار في 18 كانون الثاني (يناير) الماضي. وقال الحية في مقابلة مطولة وزعها المكتب الإعلامي لحركة «حماس» شرق مدينة غزة أمس، إن «جولة الحوار الوطني المقبلة المقررة في 26 الجاري قد تحسم خلال ساعة واحدة شرط تخلي حركة فتح عن الاشتراطات الخارجية». وأوضح أن الحركة «ناقشت مقترح مصر في شأن الحكومة وطورت فيه، وستقدمه لها في الجولة المقبلة للحوار، وتأمل في الوصول الى حل وسط لتجاوز الأزمة». وأشار الى أن «مقترح حماس يقوم على أنه للخروج من هذا الإشكال السياسي، تعالوا نشكل حكومة مهمات، وكثير من الدول في لحظات سياسية يقوم بتشكيل حكومة بمهمات محددة ليست لها علاقة بأي قضية سياسية أو خارج شؤون الدولة». وعن المقترح المصري الاخير، قال إن «مصر لم تقترح حكومة ذات مهمات، وحماس هي التي تقترحها... مصر طرحت في اللقاء الأخير تشكيل لجنة مشتركة لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة، ويومها لم تكن الرؤية متبلورة في شكل واضح، فنحن ناقشنا المقترح المصري وطورنا فيه وسنذهب إلى الأخوة المصريين لنناقشهم في هذا المقترح ومقترحات أخرى، ونأمل في أن نصل الى حل في هذا المقترح كحل وسط للخروج من إشكالية تشكيل الحكومة». وأكد أن الحركة «تدرس كل الخيارات والبدائل لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة في حال فشل الحوار الوطني، وقال: «لا نتوقع أن تفتح البوابة أمام الإعمار ورفع الحصار حتى بالاتفاق بسبب تعنّت الاحتلال». واعتبر أن «من يظن أن الحرب الأخيرة على غزة كبلت «حماس» مخطئ، مشيراً الى أن «الحركة والحكومة والقيادات والعناصر تتحرك وفق ترتيبات أمنية، وتمارس مهماتها في شكل طبيعي». وعن التوقعات بأن تشن إسرائيل حرباً جديدة على القطاع، قال: «نتوقع حرباً أشرس من سابقتها، ونحضر كل التجهيزات للمقاومة ولصد العدوان». وحمل في الوقت ذاته «مسؤولية ما يحدث في مدينة القدس والضفة الغربية من جانب الاحتلال الإسرائيلي، الى السلطة (الفلسطينية) بسبب ملاحقتها المقاومة وكشف أسرارها». وقال: «نتوقع كل شيء من الاحتلال حتى حرب شبيهة بالماضية، بل وأشد منها، فهذا محتل وشعبنا على مدار أكثر من ستين عاماً جرب هذا الاحتلال وكل وسائله، ونحن نأخذ كل هذه التحليلات والتوقعات على محمل الجد. في المقابل، نضع البدائل والتوقعات والتجهيزات لكل منها وليس أمامنا إلا أن نقاوم هذا الاحتلال، فنحن لسنا في نزهة». مظلّة الحكومة المقبلة في غضون ذلك، قال مسؤول في الحركة ل «الحياة» في القاهرة إن الحركة سترد خطّيا على المقترح المصري الخاص بتشكيل لجنة من الفصائل، عبر وفدها الذي سيتوجه إلى القاهرة لاستئناف جلسات الحوار في 26 الجاري. واشار إلى أن الحركة لم تبلور موقفها النهائي بعد «لكنه لفت إلى معارضة حماس أن يكون الرئيس محمود عباس مظلة اللجنة المقترح تشكيلها من الفصائل والمستقلين للإشراف على إعمار غزة وتكون قناة اتصال بين حكومتي رام اللهوغزة»، داعياً إلى ضرورة أن تكون لهذه اللجنة صلاحيات أعلى من صلاحيات حكومتي غزةورام الله. وانتقد المسؤول أن تكون مرجعية اللجنة الإدارية والمالية إلى رام الله، لافتا إلى أن التوصل إلى اتفاق في ظل هذا المقترح أمر مستبعد «لأنه بالإضافة لذلك فهو يتعامل مع حكومة رام الله على أنها هي الشرعية، ومع حكومة حماس في غزة وكأنها أمر واقع... أي التعاطي معها أمر اضطراري لا بد منه وليس هناك خيار آخر». وأضاف: «لنا مآخذ كثيرة على هذا المقترح الذي نعتبره مجرد مسكنات، بالإضافة إلى أنه يكرس الانقسام... حماس تريد إنهاء الانقسام ولا تبغي إقراره في حكومتين، واحدة في غزة وثانية في الضفة». وشدد على ضرورة التوصل إلى توافق، وقال: «من دون تحقيق توافق فلسطيني لن يكون هناك حل»، متسائلاً باستنكار: «كيف ستجري الانتخابات في غياب توافق حقيقي؟ وكيف سيتم اصلاح الأجهزة الأمنية وتفعيل العمل بما تم الاتفاق عليه في لجان الحوار، وعلى سبيل المثال لجنة المصالحة، من دون تحقيق وفاق كامل... إلا لو كان الهدف هو المماطلة وإضاعة الوقت إلى حين الوصول إلى تاريخ 25 كانون الثاني (يناير) موعد إجراء الانتخابات التشريعية، وحينها في تصورهم، ليس لحماس ذريعة في أن لها الغالبية في البرلمان». وأوضح أن «حماس» عندما وافقت على تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية «فهي تجاوزت ضمنا مسألة شرعية الرئيس، وهذا الموقف كان يجب تثمينه للحركة». ولفت إلى أن مطالبة الحركة بعدم الاعتراف بإسرائيل وفي الوقت ذاته مطالبتها بضرورة اعتراف الحكومة المقبلة بشروط الرباعية والتي تتضمن الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف، أمر غير واقعي ولا يمكن الفصل بين الاثنين، وقال: «حكومة التوافق الوطني المقبلة ستحصل على شرعيتها من المجلس التشريعي (البرلمان) الذي في حقيقة الأمر تسيطر عليه حماس، ولا يمكن للحركة أن تمنح الثقة لحكومة تعترف بإسرائيل، وهذا أمر لا يمكن المساومة عليه ولا يخضع للابتزاز السياسي».