من منا لم يستمتع بالفنيات الراقية للاعب والنجم الموهوب نوّاف التمياط؟!.. ومن منّا لم يغدق عليه مدحاً وإطراء لأخلاقياته العالية والرائعة التي جعلت منه علامة فارقة بدماثة الخلق، لدرجة أنّه أصبح من النخبة القليلة التي جمعت بين الفن الكروي والأخلاق الرياضيةالعالية على خطّين متوازيين ومتعادلين كمّاً وكيفاً. نوّاف التمياط كان يستخدم عقله كثيراً، ليس فقط في التعامل مع الظروف داخل البساط الأخضر مع اللاعبين والحكّام والمدربين، ولكن أيضاً خارجه. فكان لرقيّه في التعامل مع الجمهور والأوساط الإعلامية والإدارية والرسمية، دور كبير ليشهد له الجميع بأنه من المميزين القلائل الذين تقبّلهم الجميع، بغض النظر عن ميولهم الرياضية. قد يتفق جميع خبراء الكرة السعودية بل والعربية على أن نوّاف التمياط ترك الكرة قبل أوانه بسنوات، ولكن الذي علم عن معاناة نوّاف الكبيرة مع الإصابة وآلام الجراحات، يعلم أن نوّاف، وبذكائه الفطري المقتصر على "الكبار"، ترك الكرة عندما أحس بأن ظروفه الصحية (بسبب الإصابات) كانت ستؤدي به لطريق مجاملة الآخرين له، وكان التمياط بظروفه تلك يستطيع أن يستغل خجل الآخرين منه واحترامهم لتاريخه، وأن يستمر سنوات أخرى باللعب على حساب مجاملة الآخرين له كلاعب خلوق له تاريخ، وحسب. ولكنه بأخلاقه العالية وبذكاء المحترفين، رفض أن يستمر لاعباً على البساط الأخصر بمستوى أقل من المستوى الذي يريد أن يظهر به، بل ورفض أن تكون المجاملة هي سبب بقائه على البساط الأخضر ولو لدقيقة واحدة، واعتزل الكرة، وترك الفرصة لغيره من النجوم، بل واختار أن يلام على أنه ترك الكرة مبكّراً، في نظر البعض، على أن يلام لأنه تركها متأخراً في نظر البعض الآخر. هناك جوانب أخرى كثيرة اقتحمها النجم نوّاف التمياط في المجال الإنساني، وليس الرياضي فقط، قد لا يعلمها الكثير. إذ انه صاحب مساهمات خيرية واجتماعية عدة تمثّلت في أوجه عدة، لا يرغب نواف نفسه بذكرها. فهو على سبيل المثال، سفير لجمعية نقاء لمكافحة التدخين، هذه الجمعية التي تكافح هذا الداء والسم القاتل بصمت، الذي ينخر في شبابنا، (ومنهم شريحة الرياضيين للأسف). وهو أيضاً داعم قوي لجمعية "إنسان" لرعاية الأيتام، بل وجمعيات رعاية الأطفال المعوقين، وجمعيات خيرية متعددة أخرى. وبما أن مهرجان اعتزال النجم نوّاف التمياط مر بعقبات متعددة، أتمنى من الجمهور السعودي الوفي أن يملأ مدرجات استاذ الملك فهد الدولي مساء السبت المقبل، تكريماً لهذا النجم الخلوق، الذي يعتبر من أرقى من قدّم فنون كرة القدم بحلّة الأدب والأخلاق الرفيعة. وما قبول أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ليكون راعياً لمهرجان اعتزال التمياط، بل واستقباله الكريم للاعب الفذ، وما استقبال القيادة الرياضية ممثلة بالأمير سلطان بن فهد والأمير نواف بن فيصل له أيضاً، إلاّ دليل على تقدير القيادات الحكيمة في هذا البلد المعطاء لأمثال هؤلاء النجوم الذين شرفوا بلادهم ومثلوها خير تمثيل. ولا يفوتني التنويه بالجهود الجبّارة والمميزة التي بذلها ولا يزال يبذلها، رئيس اللجنة العليا المنظمة لمهرجان اعتزال النجم نوّاف التمياط، الأمير نوّاف بن محمد، ووقوف الأميرين عبدالله بن مساعد وعبدالرحمن بن مساعد وقفة مشرفة بتحمل تكاليف جلب الفريق الضيف، وجهود الإداري والإعلامي المميز والخلوق عادل البطي. آملاً أن يظهر هذا المهرجان بالمظهر الذي يليق بلاعب بحجم نّواف التمياط، وأن يتمتّع الجمهور الرياضي في المملكة باللقاء الذي سيجمع نجوم المملكة والخليح والعرب بفريق انترميلان، بطل الدوري الإيطالي للعام السابق ومتصدره للعام الحالي. في النهاية، فأنا ولو ودّعت نوّاف التمياط كلاعب ونجم داخل البساط الأخضر، فكلّي يقين بأنّني سأراه عمّا قريب، أحد أهم الوجوه في الساحة الرياضية، سواء بشقّها الإعلامي، أو حتّى بشقّها الإداري والقيادي. [email protected]