يلوذ البغداديون بدجلة هرباً من الإزدحام الخانق والجسور والطرق المغلقة، وراجت صناعة وتجارة الزوارق والعبارات وصارت تنافس تجارة السيارات. «الشريعة» هو الاسم الذي يطلقه العراقيون على مرسى الزوارق في منطقة الشواكة بجانب الكرخ تعد الابرز بين مثيلاتها، حيث تقل صباح كل يوم المئات الى الرصافة وبالعكس. ويقول عبدالله الرماحي (صاحب زورق) ل «الحياة» ان «مستقلي زورقه من شرائح مختلفة، منهم الموظفون والعمال وطلاب الجامعات والمعاهد يقصدون النهر للتخلص من إزدحام الشوارع وكي يصلوا باكراً الى اعمالهم». وإضافة الى سرعة التنقل في دجلة ينجذب اهالي بغداد الى النقل المائي لانخفاض تكلفته (اقل من دولار). ويوضح الرماحي ان عمل اصحاب الزوارق والعبارات لا يقتصر على نقل الناس بين ضفتي النهر بل يوصلهم الى مناطق عدة مطلة على النهر مثل الصالحية والسنك والاعظمية والكاظمية. وما يميز «شريعة الشواكة» وقوعها قرب المناطق المهمة التي تضم عدداً من الإدارات الرسمية والاسواق كوزارات الصحة والعدل ومدينة الطب وسوق الشورجة الشهير، اضافة الى كل ذلك تجاور الشواكة منطقة الصالحية التي يكثر فيها صانعو الزوارق النهرية. ويقول اصحاب الزوارق ان التفجيرات الاخيرة في الصالحية اضطرت عدداًً من الأهالي إلى الإنتقال إلى الضفة الاخرى بعدما اغلقت الشوارع. وتلي «الشواكة» «شريعة الكريعات» في منطقة الاعظمية التي عادت اليها الحياة بعد تحسن الاوضاع الامنية. ويذكر سيف عبد ان الزوراق كانت وسيلة النقل الوحيدة قبل اقل من عامين بعد تفجير الجسر الحديد واغلاق جسر الائمة عام 2005 وانقطاع الطرق بين ضفتي النهر. ويضيف ان «كلفة النقل في النهر اقل من كلفتها بكثير في السيارات. والزوراق متوافرة حتى ساعات الليل المتأخرة والاهم من ذلك ليس من ازدحام في دجلة». لكن عبدالعزيز كاظم الذي يملك عدداً من الزوراق في الكريعات يشكو من عدم تمكن زورقه من الوصول إلى كل اجزاء النهر في بغداد، لا سيما القريبة من المنطقة الخضراء. ويضيف «ان النقل النهري يتعرض لمخاطر كبيرة ابرزها انخافض منسوب دجلة الى حد كبير، ما ادى الى ظهور كتل طينية وصخرية كبيرة كانت في السابق مغطاة بالماء ولا يمكن رؤيتها اما اليوم فقد امتلأ النهر بها وانتشرت عشرات من المعدات لإزالتها. بعد ايام يمكن لأهالي بغداد عبور دجلة سيراً على الاقدام وسنجلس نحن في البيت من دون عمل».