لم يبق مجال لم تدخله المرأة في يومنا هذا، فهي نجحت في اقتحام قطاعات كثيرة وأثبتت جدارة فائقة. لكن، للأسف، قلة هن النساء اللواتي عرفنا نجاحاتهن أو سمعنا عنهن. من لم يسمع بأسماء عظيمات دخلن التاريخ مثل جوليا دومنا الحمصية المنشأ والدة الأمبراطور الروماني كاليغولا، أو جان دارك الشهيرة وميركوري العالمة، ناهيك عن قيصرة روسيا الإمبراطورة إيكاترينا. إنهن شهيرات جداً ولكنهن قلة أيضاً. أما اليوم في عصرنا هذا فقد قل عددهن أكثر فأكثر. لماذا هذا التحول؟ ما الذي يحدث؟ لماذا يبدو حظ النساء أقل في تحقيق النجاح واعتراف المجتمع العلني بهن؟ هل هي ظروف بيولوجية تحددها الطبيعة فتفرض «الحظر» على نشاط المرأة خارج نطاق الأسرة، بغض النظر عن الاستثناءات النادرة لإثبات السيادة؟ لم يعط نهج المساواة بين الجنسين (أي دراسة الخصائص النفسية للتمييز الجنسي) استجابة واضحة وكاملة أو جزئية حول دراسة هذه المسألة. إن تطبيق تعميم مراعاة المنظور الجنساني في مختلف العلوم يساعد قليلا على فهم هذه الحالة. على سبيل المثال، عندما يوزع دور المرأة في المجتمع وفقاً للاختلافات البيولوجية. ويكشف الواقع عدم التماثل في الجنس، ويكون دورها التنشئة الاجتماعية ، وهو ما يتطلب أن تلعبه الفتيات، يكون الحد من دراسة الخصائص المكانية والبصرية في العالم هو الهدف. وتكون نتيجة ذلك فروقاً بين الرجل والمرأة في القدرات المكانية والبصرية. ربما يملي العصر الجديد قواعد أخرى لتحديد امرأة القرن العشرين، وعلى سبيل المثال أن شعبية رايسا غورباتشوف - السيدة الأولى و «الأخيرة» في الاتحاد السوفياتي السابق لم تكن موضع جدل، وهي أظهرت للعالم كيف يمكن أن تبدو المرأة الروسية الحقيقية. يذكر أن مجلة المرأة البريطانية كانت أعلنت رايسا غورباتشوف امرأة عام 1987 وعينت لها المؤسسة الدولية الخيرية «معاً من اجل السلام» جائزة «نساء من أجل السلام». كما فازت بلقب «سيدة العام» لسنة 1991. في الحقبة الحالية، تمهد السياسة الطريق للنساء لدخول أبواب المجد مجدداً – مثال رئيسة الوزراء الأوكرانية الفاتنة يوليا تيموشينكو، مع أن بعضهن يرغبن في أن يبقين في الظل ليكررن قصة أستير المذكورة في العهد القديم، وكذلك العمل في مجال التجارة وإدارة الأعمال والإعلام كواحد من أقصر الطرق الفاعلة في حياة الرجل القائد لإثبات وجهة النظر القائلة «وراء كل رجل عظيم امرأة». وإثبات أن النجومية لا تأتي من باب الفن فقط. حتى إن بعض المهن الخاصة بالرجال اقتحمتها النساء كمهنة رجل الفضاء – فلو ذكرنا اسم 50 رجل فضاء تبقى الغلبة في الشهرة لرائدة الفضاء الروسية فالنتينا تيريشكوفا. هل من الممكن أن تكون الأمور تغيرت في هذا البلد؟ «الأمومة» هي رأس المال الرئيس الذي دفع بالنسوة (الفتيات) الروسيات وساعدهن على العودة لمفهوم «الأسرة». لا يبدو ذلك قريباً . في روسيا حالياً، كثيرات يناضلن من أجل دفع قضايا المرأة والعائلة، بينهن وزيرات ونواب في البرلمان وصحافيات لامعات بعضهن تعرضن لكثير من الملاحقات بسبب إصرارهن على مواقف قد لا تعجب السلطات. والمشكلة أن بين الباحثين في المجالات المختلفة كثير من النساء لكن نتائج عملهن تحظى باهتمام أقل من نتائج عمل زملائهن الرجال. وفي بلد كانت المرأة فيه حتى عهود قريبة شريكة في كل مناحي الحياة والأعمال الصعبة، حتى إن زائر موسكو كان يستغرب عندما يرى نسوة يتسلقن حمالات البناء على ارتفاعات شاهقة ويكنسن الشوارع في ساعات الصباح الباكر الباردة... في هذا البلد حافظت المرأة على قدرتها على العمل، لكنها فقدت جزءاً كبيراً من قدرتها على التأثير في حياة المجتمع.