على رغم ادعائها المستمر بأنها تنتمي إلى عائلة محافظة جداً، إلا أن السويدية نومي راباس احترفت عرض الأزياء بنجاح منذ سن المراهقة وشاركت في أكبر مناسبات الموضة على الصعيد الدولي، إلى أن طرقت السينما بابها من طريق أفلام رومانسية اعتمدت على جاذبية بطلتها محوّلة إياها إلى نجمة شمال أوروبية محبوبة وشعبية. في عام 2008 لعب القدر دوراً إيجابياً في حياة الفنانة الشابة، عندما حصلت على فرصة المشاركة في الاختبار الخاص باختيار الممثلة التي ستؤدي البطولة النسائية في ثلاثية «ميلينيوم» من إخراج نيلس أردن أوبليف والمأخوذة عن الرواية البوليسية المعقدة والناجحة عالمياً «ميلينيوم» للسويدي ستيغ لارسون. فازت راباس بالدور ومن أجله تخلصت من جاذبيتها وأنوثتها وصارت تشبه الفتى، مقدمة الدليل على أن مهنة التمثيل مبنية على تغيير المظهر قبل أن تعتمد على الجمال وحده، وبالتالي أصبحت فور نزول الجزء الأول من الفيلم إلى صالات السينما الدولية، نجمة مرموقة. زارت راباس باريس لتروج للجزءين الثاني والثالث من «ميلينيوم»، فالتقتها «الحياة» وحاورتها. أنت النموذج الحي على أن تغيير المظهر يلعب دوره في شكل أساس في نجاح الممثلة، فما رأيك؟ - عملتُ أصلاً عارضة أزياء لأنني جميلة، ومن الصعب أن تفوز فتاة ذات ملامح غير متناسقة بفرصة العمل في مثل هذه المهنة. أليس كذلك؟ وبالنسبة الى عملي كممثلة فهو أيضاً جاء بطريقة شبه طبيعية نتيجة ممارستي عرض الأزياء. إلا أن الدراما تتطلب موهبة فنية لا علاقة لها بالجمال، ولو كنت بدأت في السينما لمجرد أنني جميلة لما استطعت الحصول على بطولة ثلاثية «ميلينيوم» التي تطلبت مني التخلص من جاذبيتي والحد من جمالي ومن نعومتي إلى أكبر حد ممكن. فأنا، مثلما تذكر أنت، النموذج الحي على مدى أهمية اللعب بالمظهر من أجل النجاح كممثلة. وأنا نجحت في الانتقال من الموضة إلى السينما بطريقة سلسة وطبيعية جداً، لأنني تعلمت التمثيل في معهد متخصص ولأنني أصلاً أجيد الرقص وأعشق الاستعراض وتقليد الغير... وذلك كله منذ سن الصبا. لقد فعلت كل ما في وسعي حتى أبلور موهبتي الطبيعية، وعملت بأسلوب جدي وشاق، ولولا جهدي المتواصل لكان مستقبلي السينمائي قد توقف بعد فيلم أو فيلمين صغيرين مثّلتهما في بلدي السويد. وهل كنت تفكرين في احتراف التمثيل أساساً عندما بدأت عرض الأزياء؟ - لا، فقد كنت أفكر في متابعة تعليمي الجامعي في القسم العلمي وكسب بعض المال السهل والسريع في شكل هامشي بفضل عملي في عالم الأزياء، لكنني سرعان ما قررت خوض تجربة الفن إثر نجاحي كعارضة توب موديل، الأمر الذي بدأ يجذب نحوي أهل الفن السابع. والسينما هي التي جاءت تغازلني في بادئ الأمر من دون أن أفعل من ناحيتي أي شيء للدخول إليها، فتركت التيار يجرفني إلى أن قررت الإمساك بزمام مستقبلي فبدأت أتعلم فن التمثيل كي أسيطر على الموقف بدلاً من أن أتركه يتحكم هو بي. أنت امرأة عنيدة إذاً وذات إرادة صلبة؟ - نعم عنيدة جداً وذات إرادة قوية أيضاً، وإلا فالجمال وحده ليس سوى عبارة عن سلاح بين أيدي الغير يستخدمونه ضد صاحبته. ماذا تقصدين بهذا الكلام؟ - أقصد أن الجمال أحلى النِعم أساساً، ولكنه إذا لم يقترن بالذكاء انقلب ضد صاحبته وأدى بها إلى الدمار أو الموت في بعض الأحيان. أنا عملت في مهنة مبنية على المظهر الخارجي، ولكن لو اكتفيت بالفرح لقاء هذا الحدث ورددت في ما بعد بطريقة إيجابية وساذجة على كل العروض التي تلقيتها لكنت اليوم راقصة في نادٍ ليلي أو موديلاً من الدرجة العاشرة أكشف عن مفاتني أمام عدسات المصورين لحساب مجلات إباحية رخيصة. فالعقل هو الذي ينقذ المرأة الجميلة من نهاية تعيسة. صدقني إذا قلت لك إن ذكائي هو صاحب الفضل في نجاحي قبل أي شيء آخر وربما قبل جمالي، لأنني مقتنعة بأنني كنت سأنجح في حياتي حتى لو كان مظهري مختلفاً عما هو عليه في الواقع، ولا أقصد النجاح الفني ولكن النجاح في شكل عام مهما كان نوعه. كثيراً ما تقولين في أحاديثك الصحافية إن عائلتك متزمتة، فماذا كان رد فعل أهلك عندما احترفت الفن؟ - أنا محظوظة كون والديّ، على عكس سائر أفراد عائلتي عموماً، منفتحي التفكير والذهن ويمنحاني ثقتهما في شكل أشكرهما عليه مثلما أشكر السماء على كوني ولدت وكبرت في جو من التفاهم والحرية والاحترام المتبادل، وهذا شيء ينقص بعض الفتيات في محيطي العائلي، على رغم ان عائلتي سويدية. لكن الشمال الأوروبي يمكنه في بعض الأحيان وعلى عكس سمعته الشائعة، أن يتميز بالتزمت أكثر من الشعوب الجنوبية أو المتوسطية. أنا أعرف أن والديّ يسعدان إذا كنت أنا سعيدة بما أفعله وبما يحدث لي وهما يقدمان لي النصيحة طبعاً ولكنهما لا يحاولان فرض إرادتهما عليّ رغماً عني. ومن ناحيتي أفعل كل ما في وسعي كي أكون على مستوى ثقتهما ولا أضعهما في موقف من الخجل تجاه تصرفاتي أبداً. تتكلمين تماماً مثل فتاة شرقية؟ - ربما أنني أتمتع في قرارة نفسي بشيء شرقي، أقلّه لناحية الدفء الإنساني. حسن نية المخرج ما هو رد فعلك أمام احتمال وجود اللقطات العاطفية أو الجريئة في الأفلام المطروحة عليك؟ - الموضوع حساس وأنا حتى الآن نجحت في تفادي مواجهته لأن الأفلام التي عملت فيها لم تتضمن أي مشهد جريء أو غرامي حميم، لكن الاحتمال موجود طبعاً وأنا ظهرت شبه مجردة من ثيابي في مشهد صغير جداً من «ميلينيوم». أفضّل ألا أشغل رأسي بهذه الأمور الآن، فأنا معتادة ترك القرارات إلى حين مواجهتي الظروف المعنية، والقدر أحياناً هو الذي يحل المشاكل بطريقة غير متوقعة. ولأرد على سؤالك بأسلوب واضح، أقول إنني لا أنوي قبول الوقوف أمام الكاميرا مجردة من ثيابي أو في صحبة ممثل في مشهد عاطفي حميم، إلا إذا تأكدت كلياً من حسن نية المخرج في طريقة تصويره اللقطة المعنية وقبل ذلك من ضرورة وجود هذه اللقطة فعلاً في السيناريو. ماذا عن الحب في حياتك؟ - وصلنا إلى الأسئلة الحساسة. أنا عموماً لا أرد عليها حتى لا أرى اسمي فوق صفحات المجلات مع تعليقات تخص حياتي الشخصية أو عبارات مدونة بالخط العريض قلتها في إطار حديث طويل ويحولها الصحافي إلى تصريح مهم وكأنني لم أقل أي شيء آخر اطلاقاً. لا أسألك عن تفاصيل ساخنة ولكن عن رأيك في الحب ومكانته في حياتك؟ - الحب أجمل ما في الوجود، وهذا ما يتفق عليه الجميع، أليس كذلك؟ فكلنا نعيش من أجله ونتمنى العثور عليه وخوض أحلى تجاربه مع الشخص المحبوب. أنا انسانة رومانسية أصلاً ومن النوع الذي يذوب وجدانه إذا سمع أغنية عاطفية حلوة أو قرأ رواية حزينة أو شاهد حكاية غرامية قوية فوق الشاشة. هل من السهل عليك التخلص من مغازلة الرجال لك وأنت ممثلة فاتنة؟ - إنها مسألة حسن تصرف، والرجل يدرك من الوهلة الأولى إذا كانت المرأة مستعدة للتجاوب معه أم لا، وصدقني إذا قلت لك إنني لا أتلقى مضايقات كثيرة وذلك منذ سن المراهقة لأنني تعلمت بسرعة كيف أكشف عن نياتي، ومرة ثانية أقول إن الذكاء أفضل ما أملكه من مزايا. وعلى العموم بدأ الرجال يبتعدون مني منذ أن ظهرت مجردة من أنوثتي في ثلاثية «ميلينيوم». كيف تعيشين نجوميتك العالمية بفضل نجاح ثلاثية «ميلينيوم»؟ - أعتبر نفسي محظوظة جداً وأشكر السماء في كل صباح على النعمة التي أتمتع بها في حياتي. وصحيح أن «ميلينيوم» بأجزائه الثلاثة حاز عدداً من المتفرجين يحسده عليه أعظم وأنجح الأفلام الهوليوودية مثل «تايتانيك» أو «حرب النجوم». أنا فعلاً صرت محبوبة وأشعر بهذا الحب كلما نزلت إلى الشارع أو وُجدت في مكان عام مهما كان البلد الذي أكون فيه، وهو حب إيجابي دافئ وكريم لا يختلط أبداً بأي عنف أو مبالغة غير مرغوب فيها. وهل تعرفين المنطقة العربية؟ - قليلاً، فقد زرت الأردن ولبنان وتونس والمغرب ولكن في شكل سريع لم يسمح لي بالتمعن حقيقة في اكتشاف الأشخاص والثقافة والتقاليد مثلما أحب أن أفعل حينما أسافر إلى بلد أجنبي. وما الذي منعك؟ - تنقلت كثيراً في إطار الرحلات المنظمة لتقديم عروض الموضة عندما كنت أعمل عارضة أزياء، ولكنها رحلات تتم بطريقة عاجلة وقصيرة جداً. وما هي مشروعاتك الآنية بعد ثلاثية «ميلينيوم»؟ - العودة إلى قريتي الصغيرة، مسقط رأسي في السويد، وقضاء بعض الوقت مع عائلتي، ثم الاهتمام بتحضير مشروع سينمائي ينوي تنفيذه فنان دنماركي يقيم بين السويد والدنمارك والنروج، إضافة الى زيارة قريبة للندن من أجل لقاء مخرجة ترغب في مفاتحتي في شأن فيلم ليتم تصويره في منتصف العام 2010.