أوصى ملتقى نادي أبها الأدبي، في ختام فعالياته التي استمرت يومين، وشارك فيها عدد كبير من الباحثين والنقاد من السعودية والوطن العربي، بتحويل الملتقى إلى مؤتمر سنوي، يختص بدراسة قضايا الهوية في الأدب والفكر والفن والحضارة. وطباعة البحوث المقدمة في كتاب المؤتمر وتداولها مع المؤسسات الأدبية والثقافية المحلية والإقليمية. والدعوة إلى تكثيف الدراسات والبحوث حول مسألة الهوية؛ وذلك لأهميتها في هذه المرحلة من تاريخ أمتنا التي تشهد تحديات جدّية لمكونات هويتنا العربية والإسلامية. وأكد الملتقى أهمية الاعتزاز بمقومات هويتنا المتمثلة في الدين واللغة العربية والحضارة الإسلامية اعتزازاً لا يعيق الانفتاح الحضاري والتثاقف الإثرائي. كما ورفض الملتقى الدعوات النشاز «التي تشكك في مقومات هويتنا العربية الإسلامية التي من ضمنها لغتنا العربية، أو تحاول تهميشها أو مسخها بدعاوى العولمة، التي قد تغدو ذوباناً وتلاشياً، أو تماثلاً ماسخاً». وأوصى المشاركون المؤسسات الثقافية والتعليمية في العالم العربي بضرورة التعامل الواعي مع قضية الهوية مراعاة لقيم الاعتدال والحوار. وانطلاقاً من مبدأ إقرار الخصوصيات الثقافية، إذ أوصى المؤتمر المؤسسات والمنظمات الثقافية الدولية بضرورة احترام التنوع الثقافي في كل أبعاده المختلفة ومجالاته المتعددة. وكان الملتقى، الذي افتتحه أمير منطقة عسير فيصل بن خالد الثلثاء الماضي في فندق قصر أبها، انعقد على مدى يومين في مدينة أبها، واشتمل على 10 جلسات قُدّم خلالها ما يزيد على 40 بحثاً علمياً تناولت مسألة الهوية في علاقتها بالأدب في مختلف المنطلقات النظرية والمعرفية، إضافة إلى جلسة خصّصت لشهادات المبدعين في الشعر والرواية والسينما والمسرح. وتوزعت البحوث المقدمة على المحاور الآتية: الهوية: المكونات والتحديات. تجليات الهوية في الفنون والآداب. لهويات بين التنوع والتضاد. الهوية في تجارب المبدعين: شهادات وممارسات. وتناولت معظم الدراسات مسألة الهوية في مفهومها وفي أبعادها الحضارية والثقافية، التي تتكون من الدين، واللغة، والتاريخ، والحضارة؛ إذ تبيّن مدى ثراء هذا المفهوم، وتعدّد تجلياته في مختلف مناحي الفكر والإبداع في الرواية والقصة والشعر والمسرح، وغيرها من أشكال الفن والتعبير الجمالي. وفي حفلة الافتتاح دشن أمير المنطقة معرض الصور والوثائق التاريخية، التي تمثل أرشيفاً لمنطقة عسير، إضافة إلى بعض الآثار القديمة التي تمثل إرثاً لمكان وزمان المنطقة عبر قرون زمنية. وقال المشرف على الملتقى رئيس النادي الدكتور أحمد آل مريع، في كلمته التي رحب فيها بالضيوف من المغرب وتونس والجزائر ومصر والأردن واليمن، إن المرحلة التاريخية تتصف باختفاء الحواجز وغياب الموانع الطبيعية والثقافية، مؤكداً أهمية سؤال الهوية كمحرض على فهم العلاقة المركبة بين الإنسان وبين التاريخ والجغرافيا والأفكار من جهة، وبين الذات والآخر من جهة ثانية، وبين الممكن والمتمكن من جهة ثالثة. وأشار آل مريع إلى أن الملتقيات ليست مجرد أوراق تلقى فقط، ولكنها فرصة للالتقاء بالباحثين الذين وصلوا من كل مكان، مبيناً أن الملتقى حظي بمشاركة أسماء كبيرة ذات إنجاز مشهود لها في حقل الدراسات الأدبية والفكرية. في حين أكد الدكتور حاتم الفطناسي، في كلمة المشاركين من خارج المملكة، الاعتماد على مبدأ المرونة في عالم مفتوح، «غذته وسائل الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة المتطورة وتلاحق مكتشفاتها». تلا ذلك، كلمة المشاركين من داخل المملكة ألقاها الدكتور محمد المريسي الحارثي، قال فيها إن مثل هذه الملتقيات لها دورها الفاعل في تراثنا الأدبي والحفاظ عليه، مطالباً بالمزيد من هذه الشعل الثقافية المتنوعة. بعد ذلك ألقى الشاعر أحمد عسيري قصيدة بعنوان «صباحك سلمان»، نالت استحسان الحضور وتفاعلهم.