بدأ القادة الخليجيون أمس في الكويت أعمال القمة ال30 للمجلس الأعلى برئاسة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي شدد في كلمته على أن «ما تَتَعرضُ لهُ المملكة العربية السعودية الشقيقة من عُدوانٍ سافرٍ يستهدفُ سيادتها وأمنها من متسللين لأراضيها، أمرُُ مرفوضُُ منا جميعاً»، مؤكداً أن «أيَ مساسٍ بأمنِ واستقرارِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ الشقيقة، يُمثل مساساً بالأمنِ الجماعي لدولِ المجلسِ». وبدأت الجلسة الافتتاحية بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ألقى بعدها رئيس الدورة ال30 للمجلس الأعلى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كلمة رحّب فيها بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الكويت. وقال إنه لمن دواعي الاعتزازِ والسرورِ لشعبِ الكويتِ ولي شخصياً، أن تَحُلُّوا بيننا إخوةً أعزاء، أهلْ دارٍ كِرامٍ، في لقاءٍ مباركٍ يجمعُنا في الدورةِ ال30 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدولِ الخليجِ العربية، مُفتَتِحين بإذنِ اللهِ تعالى ورعايتهِ اجتماعاتنا هذه بالدعاءِ إليه جل وعلا بأنْ يكونَ عوناً لنا لتحقيقِ آمالنا وآمالِ شُعوبنا. وأضاف انتهز هذه الفرصة للإعرابِ عن بالغِ تقديرنا وامتنانا لعُمان الشقيقةِ بقيادةِ الأخ العزيز جلالة السلطان قابوس بن سعيد، للجهودِ الحثيثةِ التي بذلها جلالتهُ والسلطنةُ، في متابعةِ وتنفيذِ قراراتِ أعمالِ الدورةِ ال29 للمجلسِ الأعلى والتي أسهمتْ في انجازِ وتنفيذِ تلك القرارات، ومُقدرين في الوقتِ ذاتهِ الظروفَ الطارئةَ التي حالتْ دونْ تمكُن جلالته من الحضورِ والمشاركةِ. وقال: «يطيبُ لنا أن نُهنئ أَخينا العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، بعودةِ الأخِ العزيزِ علينا جميعاً صاحبِ السموِ الملكي الأمير سُلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهدِ نائبِ رئيسِ مجلسِ الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام إلى أرضِ الوطنِ مُشافى مُعافى، سائلين الباري تعالى أن يديم على سموهِ موفور الصحةِ والعافيةِ لِيُواصلَ عطاءَهُ المعهود في خدمةِ وطنه. وأضاف يأتي انعقادُ أعمالِ الدورةِ ال30 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدولِ الخليجِ العربيةِ، والتي تَتَشَرفُ دولةُ الكويتِ باستضافتها، لتُمَثِّلَ لبنةً مباركةً في بناءِ هذا الصرحِ الشامخ، وإضافةً بناءةً لمسيرتهِ بإذن الله تعالى، والتي أحاطها أصحابُ الجلالةِ والسمو قادةُ دولِ المجلسِ على مدى ثلاثةِ عقودٍ من الزمن بالرعايةِ والاهتمامِ، عَبر عطاءٍ متواصلٍ، وعملٍ دؤوب، مكّن مجلسَ التعاونِ لدولِ الخليجِ العربيةِ من تَبوؤِ مكانةٍ مرموقةٍ بين نُظرائه من منظماتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ، وحازَ معها ومنذُ نشأتِه على الاحترامِ والتقديرِ على المستويين الإقليمي والدولي في علاقاته بُمحِيطه العربي، وأمتهِ الإسلاميةِ، والمجتمعِ الدولي، ناهيكَ عن ترجمتِه، لآمالِ وطموحاتِ شُعوبهِ في سعيهِ لتحقيقِ مواطنةٍ خليجيةٍ حقيقية. وأوضح أن مسيرةَ مجلِسنا المباركةِ والتي ترتكزُ على أُسسٍ وقواعِدَ صلبة، مَبنيةٍ على التعاونِ البناءِ من خلالِ التشاورِ وتبادُلِ الرأي ووجهاتِ النظرِ بواقعيةٍ وموضوعيةٍ، لهي خدمةٌُ لأبناءِ دولِ المجلسِ في سبيلِ تحقيقِ المزيدِ من الانجازاتِ والمكاسب، خصوصاً ما يتصِلُ منها بمسألةِ التنميةِ الاقتصاديةِ والرفاهِ الاجتماعي. وقال: «يأتي احتفالُنا وتدشينُنا اليومَ إن شاءَ اللهُ للربطِ الكهربائي بين دول المجلس، وعزمنا على الدخولِ في البرنامجِ الزمني لاتفاق الاتحادِ النقديِ، وكذلك إنشاءُ هيئةِ سكةِ حديدِ دُول المجلسِ، تجسيداً على حِرصِنا لتحقيقِ المزيدِ من تلك الانجازاتِ والمكاسب وإن أمامنا جدولَ أعمالٍ حافلٍ بالقضايا السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ والمشاريع التنمويةِ التي تهُم دولَ مجلِس التعاون والتي تتطلبُ التداولَ والإقرارَ والمتابعةَ وبما يعودُ على شعوبنا بالخير والنفع. وقال أمير دول الكويت: «إن ما تَتَعرضُ لهُ المملكة العربية السعودية الشقيقة من عُدوانٍ سافرٍ يستهدفُ سيادتها وأمنها من متسللين لأراضيها، أمرُُ مرفوضُُ منا جميعاً، ولذلك فإننا نُجدد استنكارنا وإدانتنا لهذه الاعتداءاتِ والتجاوزاتِ، مُؤيدين وداعمين أشقاءَنا في كُلِ ما يتخذونهُ من إجراءاتٍ للدفاعِ عن سيادةِ وأمنِ المملكة العربية السعودية الشقيقة، وحمايةِ وصيانةِ أراضِيها، مُنوهيِن في ذاتِ الوقتِ بحكمةِ أخينا العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في توجيهاتهِ السديدة، حِيالَ التعامُلِ مع هذا العدوان، ومُؤكدين بأن أيَ مساسٍ بأمنِ واستقرارِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ الشقيقة، يُمثل مساساً بالأمنِ الجماعي لدولِ المجلسِ. ومن المنطلقِ ذاته، فإننا نأملُ أن يسُودَ الأمنُ والاستقرارُ ربوُعَ الجمهوريةِ اليمنيةِ الشقيقة بقيادةِ الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، لتسخيرِ كل الجهودِ والإمكاناتِ نحو متطلباتِ التنميةِ بما يُحقق للشعبِ اليمني الشقيق المزيدَ من التقدُم والازدهار، وبما يحفظُ لليمنِ وحدتهُ وسيادتهُ على أراضيه. وقال أمير دولة الكويت: «نُتابع بقلقٍ بالغٍ ما يتعرضُ له العراق الشقيق، من أعمالٍ إرهابية، تَمثلتْ بتفجيرٍ لعددٍ من المؤسساتِ والمنشآتِ الحكوميةِ، راح ضحيتُها العديدُ من أبناء الشعبِ العراقي، ونُؤكد بهذا الصدد إدانتنا واستنكارنا الشديدين لهذه الهجماتِ الإرهابية، وندعو الأشقاءَ للتكاتُف ورصِ الصفوفِ، لتفويتِ الفرصةِ على كُل من يسعى لزعزعةِ أمن واستقرار العراق، ونتطلعُ إلى تواصلِ العمليةِ السياسيةِ في العراق، وصولاً لإجراءِ الانتخاباتِ البرلمانيةِ في أجواءٍ ديموقراطيةٍ ومستقرةٍ ليتحقق معها تطلعاتِ أبناءِ الشعبِ العراقي في الاستقرارِ الأمني والتوافقِ السياسي والتنميةِ الاقتصاديةِ. كما أننا نُتابعُ بأسفٍ وألمٍ بالغين الخلافاتِ التي تَعصِفُ بالصفِ الفلسطيني بين إخوةٍ أشقاء، وما سببتهُ تلك الخلافاتُ من تكريسٍ لمعاناتهم، وهو ما شكّل فرصةً مؤاتيةً لإسرائيل في إظهارِ المزيدِ من التعنتِ والصلفِ لتعطيلِ كل الجهودِ الراميةِ لتحقيقِ السلامِ العادلِ والشاملِ والدائم. وأضاف، إننا نُكرر دَعوَتنا لإخوتنا في الأراضي العربية المحتلةِ لنِبذِ خِلافاتهم وتجاوزها، والحُرصِ على تكريسِ جُهودهم كافةِ نحو العملِ الجادِ لخدمةِ قضيتهم العادلة، ضماناً لوحدةِ الأرضِ واستعادةِ الحقوقِ المشروعةِ للشعبِ الفلسطيني، وإقامةِ دولتهِ المستقلةِ وعاصمتُها القدس، كما نُجددُ دَعوتنا للمجتمع الدولي ليمارِسَ مسؤولياتهِ لإحداثِ تحركٍ نوعي على مسارِ هذه القضية، وممارسةِ الضغطِ على إسرائيل للانسحابِ الكاملِ من كل الأراضي العربية المحتلة، والتوقف الفوري عن بِناءِ المستوطناتِ وتهويدِ القُدسِ، وتهديد المسجد الأقصى. وفي الإطارِ الإقليمي، فإننا ندعو إلى حلِ أزمةِ الملفِ النووي الإيراني بالحوارِ والطرقِ السلميةِ، كما ندعو إلى الالتزامِ بمبادئ الشرعيةِ الدوليةِ بما يُحَقق التوصِل إلى تسويةٍ سلميةٍ لهذا الملف، ويوفرُ الاطمئِنانَ والثِقة، ويُسهمُ في الحفاظِ على الأمنِ والاستقرارِ بالمنطقة. إخواني الأعزاء ... إننا وسطَ هذا المُحِيطِ من التطوراتِ والتحدياتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ، الإقليميةِ منها والدولية، لأحوجُ ما نكونُ إلى تكثيفِ جُهودنا لدعمِ عملِنا الخليجي المشترك لمواجهةِ كُلَ تِلكَ التحدياتِ، مُتمسكين بالمُثُلِ والمبادئ التي مَيزَتْ عملنا، وبالعزمِ والإصرارِ على تطويرِ مُنظمتنا، ومتابعةِ تنفيذِ قراراتنا ومشاريعنا بما يُحقق تطلعاتِ دولنا وشعوبنا. وفي الختامِ يَطيبُ لنا أن نُشيد بجهود الأمينِ العام ومساعديهِ وكل العاملين بالأمانةِ العامة، في الإعدادِ والتحضيِر لهذه الدورةِ، مُعربين عن خالصِ شُكرنا وتقديرِنا سائلين المولى جل وعلا أنْ يُوفقنا ويُسدَدَ خُطانا نحو تحقيقِ كُل ما نتطلعُ إليه جميعاً، ونعملُ من أجلهِ من أهدافٍ ومقاصد تُعزِزُ أمن دُولنا ورخاءَ شُعوبنا، إنه سميعٌُ مجيب.