أفادت مصادر مطلعة في الجزائر أن أجهزة الأمن أجهضت خلال الأسبوع الماضي محاولات تسلل عدة لعناصر من فرع «القاعدة» المغاربي إلى قلب بعض المدن الكبرى، وقالت إن مصالح رصد واستعلام كشفت محاولتين في الجزائر العاصمة وقسنطينة (500 كلم شرق العاصمة) أمس. ولفت محللون إلى أن «القاعدة» تقوم بمحاولات تسلل ب «أسلوب مختلف» عن ذلك الذي كانت تعتمده في السابق، خصوصاً في العاصمة بعدما نجحت أجهزة الأمن في تفكيك «خلايا العاصمة» واعتقال قائدها المدعو «أبو بصير». وكشفت مصادر أمنية، أمس، أن السلطات أوقفت قيادياً في «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، يُعتقد أنه «مستشار عسكري» لقائد منطقة الشرق محمد أبو صلاح البُليدي، وسط مدينة قسنطينة (500 كلم شرق العاصمة). وقالت المصادر ل «الحياة» إن عنصراً مسلحاً سلّم نفسه يوم الثلثاء الماضي إلى السلطات الأمنية وقدّم معلومات عن محاولة «اختراق» لقسنطينة. وأوضحت أن أجهزة الأمن شرعت مباشرة بعد جمعها المعلومات المطلوبة، في شن حملة توقيفات طاولت أشخاصاً يُشتبه في أن القيادي المعتقل كان في طريقه إليهم، مشيرة إلى أن الموقوفين «يُشتبه في تقديمهم دعماً وإسناداً إلى الجماعات الإرهابية المسلحة في المنطقة (قسنطينة)». وتتكون «مجموعة الدعم» التي تم تفكيكها على الأرجح من ثلاثة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 25 سنة و35 سنة، وظلوا محل شكوك منذ التحقيقات التي انطلقت بعد عملية مدينة ديدوش مراد على بعد 20 كلم من عاصمة الولاية قسنطينة، والتي تمكنت خلالها قوات الأمن من قتل خمسة مسلحين في منزل معزول. إذ استرجعت أجهزة الأمن هواتف نقالة وُجدت مع المسلحين القتلى وجرى تتبع أرقام الهواتف الموجودة في الشرائح لتحديد هوية الأشخاص الذين تم الاتصال بهم. وأُفيد في هذا الإطار أن أجهزة أمنية رصدت ما تصفه ب «محاولات اختراق» كثيرة لمدن جزائرية كبرى، في سياق ترتيبات لإعادة إنشاء خلايا تعمل داخل المدن وتوكل إليها «مهمات التجنيد والرصد والتحضير». ففي العاصمة، قالت المصادر إن عناصر فرقة مصلحة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في مقاطعة الدارالبيضاء (الضاحية الشرقية) تمكنت من توقيف مسلح يرد اسمه في لوائح المطلوبين لأجهزة الأمن منذ ما يزيد على خمس سنوات ويُعرف باسم «أبو عاصم». وتدرس جهات مختصة طبيعة مهمة «أبو عاصم» في التنظيم، وإن كان مكلّفاً بربط عناصر ببعضها بعضاً بعدما انقطع الاتصال بينها منذ اعتقال «أبو بصير» المسؤول السابق عن خلية العاصمة ومسؤول العلاقات الخارجية في «القاعدة»، وهو يوصف بأنه أحد أهم عناصر الربط سابقاً مع موالين للتنظيم الذي يقوده أسامة بن لادن في أوروبا وأفغانستان وباكستان. وتقول المصادر الجزائرية إن «القاعدة» فقدت على ما يبدو غالبية وسائل الربط التي كانت موجودة بين قيادتها في منطقة الوسط تحت إمرة «حُذيفة الجند» وبين «خلايا العاصمة» التي فككت أجهزة الأمن غالبيتها. ويعتقد متابعون لهذا الملف أن مشروعاً لتأسيس قنوات اتصال جديدة يجري التحضير له، لكن وسائل الاختراق الأمني التي تملكها السلطات سمحت حتى الآن بتحييد هذا المشروع بنجاح. ولا يبدو أن السلطات الجزائرية تنوي تخفيض الإجراءات الأمنية المفروضة في قلب المدن في القريب العاجل، إذ قال وزير الداخلية نور الدين (يزيد) زرهوني أول من أمس: «لقد قلنا دائماً إنه لن يحصل في القريب خفض لمستوى يقظة وكفاح مصالح الأمن والجيش الوطني الشعبي، وإن مسألة الأمن يجب أن تكون مرفوقة بإجراءات أخرى على غرار قانون المصالحة الوطنية». وتحدث عن تسليم أربعة مسلحين أنفسهم الأربعاء لقوات الأمن، في حين قُتل أربعة آخرون في عملية تمشيط في البويرة (120 كلم شرق العاصمة) ليلة الثلثاء - الأربعاء.