رفضت الحكومة المغربية بشدّة، الاتهامات الصادرة عن منظمات حقوقية دولية تطعن بحياد القضاء المغربي تجاه الملفات السياسية. وأكد بيان صادر عن وزارة العدل والحريات، وعلى رأسها القيادي الإسلامي مصطفى الرميد، رفضها التام للتصريحات «التي تقدح في العدالة المغربية وتمسّ بمصداقيتها، ولا تأبه بالجهود المبذولة لتعزيز مقومات المحاكمة العادلة في بلادنا، تشريعاً وممارسةً». وجاء بيان الحكومة رداً على النداء الذي أطلقته منظمات: «العمل المسيحي لمناهضة التعذيب» «أمنيستي فرانس» (منظمة العفو الدولية – فرنسا)، و «هيومن رايتس ووتش» الخميس الماضي، والذي اتهمت فيه العدالة المغربية بالعجز عن إجراء محاكمات عادلة في قضايا حساسة سياسياً، مطالبةً السلطات الفرنسية بعدم إتمام إجراءات المصادقة على ملحق الاتفاق المبرم بين وزيري العدل المغربي مصطفى الرميد، والفرنسية كريستيان توبيرا في باريس، في نهاية كانون ثاني (يناير) الماضي. وكان الملحق يهدف إلى تعديل اتفاق التعاون القضائي، واستئناف التعاون القانوني بين البلدين الذي جُمِّد منذ 20 شباط (فبراير) من العام الماضي، إثر أزمة ديبلوماسية حادّة تفجّرت عقب استدعاء الشرطة الفرنسية مدير الاستخبارات المغربية الداخلية عبداللطيف الحموشي، من مقر إقامة السفير المغربي في باريس، خلال زيارة رسمية كان يجريها برفقة وزير الداخلية محمد حصاد، إثر شكوى مفترضة بتورّطه بالتعذيب. وذكر البيان المغربي، أن تحرّك المنظمات الحقوقية الدولية «يهدف إلى مصادرة سلطة العدالة المغربية في محاكمة مواطنيها في الجرائم المرتكبة على الأراضي المغربية». وشدّدت وزارة العدل والحريات، على أن الاتفاق المبرم مع فرنسا «يضمن الاحترام المتبادل لمضمون وروح الاتفاقات التي تربط البلدين، ويصون سيادتهما على أساس احترام مبدأ المساواة والتعاون الفاعل بين الطرفين، في إطار تكامل الاختصاص بما يضمن منع الإفلات من العقاب». على صعيد آخر، لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات المغربية، على قرار القاضي في المحكمة الوطنية الإسبانية المختصّة في القضايا المعقدة بابلو روز، الذي أجاز محاكمة 11 مسؤولاً مدنياً وعسكرياً مغربياً أمام القضاء الإسباني بتهمة ارتكاب «إبادة جماعية» في الصحراء الغربية. وتجاهلت الحكومة خلال جلستها الخميس الماضي، الموضوع كلياً. ورجّح مصدر مأذون له، أن يكون قرار القاضي الإسباني يدخل ضمن سياق تجاذبات داخلية إسبانية مرتبطة بالتطورات التي يشهدها ملف الصحراء، في أفق انعقاد جلسة مجلس الأمن لبحث تمديد بعثة ال «مينورسو». كما ربط المصدر بين توقيت صدور قرار القاضي الإسباني وإحالته الى التقاعد، وصدور موقف عن الاتحاد الأفريقي يطالب بتوسيع مهام بعثة ال «مينورسو» لتشمل الرقابة على حقوق الإنسان في المحافظات الصحراوية. وتابع المصدر أن المغرب كان المبادر الى فتح ملفات الماضي، «ولم يفعل ذلك تحت أي ضغط»، معتبراً أن تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة وجبر ضحايا «سنوات الرصاص»، التي شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، كان الغرض منه « فتح حقبة مصالحة للمغاربة مع ماضيهم». وأشار المصدر الى أن فتح سجلات الماضي «لم يستثنِ منطقة الصحراء، ونحن ليس لدينا ما نخفيه». واعتبر أن الخطوة سبق أن لوِّح بها سابقاً في إسبانيا، لكن «المغرب ماضٍ في تكريس حقوق الإنسان من دون تأثير لا من إسبانيا ولا من فرنسا ولا من أي دولة أخرى». وكان القاضي الإسباني اعتبر في ختام تحقيق بدأ في تشرين الأول (أكتوبر) 2007، امتلاكه «أدلة معقولة» تتيح محاكمة المسؤولين المغربيين، مشيراً إلى «عمليات قصف لمخيمات مدنية» و «تهجير قسري للمدنيين» و «عمليات اغتيال واعتقال واختفاء لأشخاص من أصول صحراوية».