ارتفاع حالات الطلاق بين حديثي الزواج أمر ملاحظ في مجتمعنا السعودي اليوم، فبعض حالات الزواج قد لا تستمر إلا أياماً أو شهوراً، ولا شك أن هناك أسباباً أكدها اختصاصيون في علم الاجتماع والنفس في حديثهم ل «الحياة»، وقالوا إن «أبرزها ضعف الثقافة في حياة ما بعد الزواج للزوج أو الزوجة، فقبل الزواج يعيشان على أحلام، ولا يفكران في ما لكل طرف على الآخر، وقد لا يتفقان في التفكير وفي الثقافة، وبعد الزواج كل طرف يطالب الآخر بمطالب قد لا تأخذ التدرج والواقعية». وتشير الإحصاءات الأخيرة والصادرة عن وزارة العدل إلى أن نسبة الطلاق في عام واحد في منطقتي الرياض ومكة المكرمة «52 في المئة» من نسبته في المملكة، وأن نسبته في الرياض 29 في المئة، وكل ذلك يدل على خلل في إدارة العلاقة الزوجية، إذ تتفكك لأدنى سبب بعد الزواج، أو لإخفاء معلومة قبله. تقول دكتورة علم الاجتماع فوزية أشماخ: «إن معظم الفتيات لا يكن مؤهلات للزواج لا اجتماعياً ولا نفسياً، وبعضهن تكون غير ملمة بمفهوم الزواج الحقيقي إذ تكون فرحة بالعرس والفستان الأبيض ولا يوجد لديها الثقافة أو الخلفية الصحيحة للزواج، أي أن اهتمامها يكون منصباً على المظاهر الخارجية للزواج وليس المعنى الحقيقي له، ولذلك نقول إنه يجب المطالبة بأن تتأهل الفتاة شخصياً قبل الزواج من جوانب عدة منها العلمية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية أيضاً حتى لا تشعر بأنها عالة على المجتمع أو عبء ثقيل ويكون إدراكها لمفهوم الزواج أكبر وأوسع حتى تستطيع التعايش والتفاهم مع شريكها والتأقلم على الحياة الزوجية التي بلا شك تختلف تماماً عن حياتها السابقة». وتضيف أشماخ: «من المؤكد أن هناك انعكاسات سلبية على الفتاة وأهلها نتيجة الطلاق وانعكاسات سلبية اجتماعية أيضاً، إذ إن الفتاة حين تعود لمنزل أهلها يكون هناك صعوبة لها ولأهلها الذين يقوموا بحمايتها من انتقادات المجتمع التي ستوجه لها وبالتالي يكون هناك تشديد من الأهل على الفتاة بعد طلاقها أكثر من قبل زواجها وهذا الموقف لا يكون سهلاً على الفتاة أو الأهل»، وتشير إلى أنها تعتقد «أن الفتاة إذا كانت تتمتع بالذكاء الكافي وتعرضت لفشل بسيط في زواجها الأول يكون هذا أحد أهم الحوافز التي تشجعها على تكملة حياتها والنجاح، إذ تكمل دراستها وتعمل ويكون اختيارها للزوج الثاني وإعادة التجربة للمرة الثانية أفضل وبنضج أكبر وغالباً ما تنجح في الزيجة الثانية». ولا تعتبر أشماخ أن طلاق الفتاة صغيرة السن قد يسبب مشكلات ويخلق نوعاً من الشخصيات العدوانية أو يولد لديها نوعاً من الكره للمجتمع، بل إنها ترى «أن المجتمع ككل لابد أن يتكاتف من أجل مساعدة المطلقة الصغيرة لتأهيلها وتشجيعها لتكملة دراستها وإسهامها في التغيير والوصول إلى مرحلة تكون امرأة ناضجة ومنتجة وتعتمد على نفسها وهذا واجب المجتمع ومن جميع الجهات، إذ إن المرأة التي تسعى للانتقام من المجتمع أو يكون لديها كره وحقد لصديقاتها المتزوجات أو الناجحات وتقوم بتدمير الكل غالباً ما تكون إنسانة غير سوية في الأساس، أي أن لديها مشكلات لا تتعلق بطلاقها، فليس من العدل إظهار صورة الفتاة المطلقة وصغيرة السن بأنها شخص عدائي، ولابد الخوف منه بل على العكس هي بحاجة للمساعدة والاحتواء». ومن جانبه يقول الدكتور النفسي جمال الطويرقي: «إن الطلاق عموماً في السن الباكرة يكون تجربة قاسية، إذ تطلق الفتاة وهي لا تعلم ما الذنب الذي ارتكبته، وهي في الأساس طفلة غير مؤهلة للزواج ولا تعلم عنه شيئاً ولا يوجد لديها الخبرة الكافية للزواج، ويكون الناتج من التجارب الفاشلة بعضاً من حالات الاكتئاب، إذ إن فترة الستة أشهر الأولى تكون فترة جداً قاسية ويجب على الأهل تفهم نفسية ابنتهم ومحاولة التهدئة عليها واحتوائها وجذبها للنجاح وألا تعتبر هذه التجربة هي ما ستعتمد عليها حياتها، أو أنها لن تتزوج وتعيش حياتها بعد هذه التجربة». ويضيف الطويرقي: «يوجد الكثير من الفتيات اللاتي يتقوقعن ويأخذن فكرة أنهن غير منتجات إذا لم يستمر زواجهن ولم ينجبن والبعض الآخر يكملن حياتهن ويحاولن بكل قوة أن ينجحن، إذ إن بعض الزيجات التي لا تنجح تكون بسبب عدم التوافق بين الزوجين وليس لوجود عيب فيها كفتاة، وبعض حالات الطلاق هذه قليل ما يتكون بسببها لدي الفتاة حقد على المجتمع او الأهل بسبب ظلمهم لها، إذ زوجوها صغيرة وتسببوا في مواجهتها لحياة لم تكن تعلم عنها شيئاً ونادراً ما نجد مثل هذه الحالات التي يتولد لديها رغبة في الانتقام وتبدأ تنتقم من صديقاتها المتزوجات والناجحات اللاتي حصلن على الحياة السعيدة بنظرها».