طهران، باريس، واشنطن – خدمة «نيويورك تايمز»، أ ب، رويترز، أ ف ب – حذر القضاء الإيراني المعارضة أمس، من أن أجهزة الأمن والاستخبارات «لن تتساهل» معهم بعد الآن، بعد يوم من تظاهرات حاشدة نظموها خلال إحياء ذكرى «يوم الطالب»، وأسفرت عن اعتقال أكثر من مئتي شخص. ورداً على سؤال عما سيكون عليه موقف السلطات حيال المرشحين الإصلاحيين الخاسرين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، إضافة الى فائزة هاشمي ابنة رئيس «مجلس خبراء القيادة» هاشمي رفسنجاني، أجاب المدعي العام الإيراني غلام حسين محسني ايجائي إن «السلطات القضائية والشرطة التزمت حتى الآن ضبط النفس بهدف تحديد صفوف الأعداء في شكل واضح لمن يجهلون هذا الأمر. وأعلن انه لن يكون هناك تسامح اعتباراً من اليوم حيال أي شخص يعمل ضد الأمن القومي». وقال إن «الاستخبارات وأجهزة الأمن تلقت أوامر بعدم التساهل مع من ينتهكون القانون، ويعملون ضد الأمن القومي ويفسدون الأمن العام»، مضيفاً: «إذا قام أحدهم بالإخلال بالأمن والنظام، سيتم التعامل معه بحزم. سنتخذ التدابير الضرورية، على أن يشمل ذلك مدعي عام طهران إذا لم يتحرك بحق من ينتهكون حقوق الناس ويخلون بالنظام يومياً في المدينة ويسببون أضراراً بالممتلكات العامة». وكان مئة نائب تقدموا في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بشكوى ضد موسوي، مطالبين بإحالته على القضاء. وقال محسني ايجائي: «أرسلنا هذه الشكوى الى مدعي طهران، ونأمل في متابعتها». تزامن هذا التحذير مع محاصرة موسوي أمس، في أكاديمية الفنون الجميلة في طهران التي يرأسها، من جانب حوالى مئتي متظاهر أحاطوا بالمبنى من دون أن تتدخل الشرطة على رغم أن حوالى مئة من عناصرها يرتدون بزات مكافحة الشغب، كانوا موجودين على بعد نحو مئة متر من المبنى. وأفاد موقع «كلمة» الإلكتروني التابع لموسوي بأن «ما بين 30 و40 شخصاً على دراجات نارية ويرتدون لباساً مدنياً»، يرجح انهم من متطوعي «الحرس الثوري» (الباسيج)، وبعضهم كان مقنعاً، منعوا سيارة تقل موسوي من مغادرة المبنى وهتفوا بشعارات مناوئة له. وأضاف الموقع أن موسوي خاطبهم قائلاً: «انتم عملاء. إذا كنتم تريدون ضربي أو تهديدي أو قتلي، افعلوا ذلك ونفذوا مهمتكم». وغادر هؤلاء المكان بعد ساعات، ما مكّن موسوي من المغادرة بدوره. جاءت «محاصرة» موسوي، بعد ساعات على الاعتداء على زوجته زهرة رهنورد التي تدرّس في جامعة طهران، إذ أفاد موقع إصلاحي بأن عناصر «الميليشيا»، في إشارة الى «الباسيج»، رشوها بالفلفل وأصيبت في عينيها ورئتيها. أما صحيفة «نيويورك تايمز»، فأوردت أن نسوة من «الباسيج» حاولن اعتراض طريق رهنورد في كلية الفنون التابعة لجامعة طهران، وهاجمنها بالفلفل مع مرافقات لها. وأشارت الصحيفة الى أن فائزة رفسنجاني شوهدت في إحدى التظاهرات التي عمت طهران الاثنين الماضي، قبل اعتقالها. وانتشرت قوات مكافحة الشغب بأعداد كبيرة أمس، عند التقاطعات على الطرق الرئيسية في كل أنحاء العاصمة. وفي جامعة طهران، هاجمت «الباسيج» تظاهرة محدودة لبعض الطلاب، ورشقتهم بالحجارة وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، كما اعتقلت طالباً واحداً على الأقل. وأعلن قائد شرطة طهران الجنرال عزيز الله رجب زاده اعتقال 204 متظاهرين، بينهم 39 امرأة، في العاصمة خلال احتجاجات الاثنين الماضي بتهمة «انتهاك النظام العام». وقال انهم سيسلمون الى القضاء بعد أن تحقق معهم الشرطة. في غضون ذلك، دعا رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني «الطلاب الى مواجهة تشويه الحركة المعارضة للاستكبار العالمي في الجمهورية الإسلامية». وقال خلال جلسة للمجلس إن «أميركا تطرح في الوقت الحاضر فكرتها الاستعمارية المقيتة، في إطار أسلوب جديد يتسم بالنفاق وخداع البسطاء». ودان الغرب قمع المتظاهرين في إيران، إذ اعتبر الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن «أعمال العنف التي ارتُكبت بحق مجرد متظاهرين والاعتقالات الاعتباطية، غير مقبولة». وكان الناطق باسم الخارجية الأميركية ايان كيلي قال إن «مواصلة المضايقات والاعتقال التعسفي وإدانة أفراد على مشاركتهم في تظاهرات سلمية، يعكس عدم احترام للحقوق التي ينص عليها الدستور الإيراني». أما وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند فقال: «نعتمد على السلطات الإيرانية لاحترام حريات مواطنيها وليس قمعها».