يبدو أن أخبار الاتحاد الأوروبي سقطت من أجندتنا. فتركيا هدأت حماستها الى الانضمام الى الاتحاد، أو تعقب أخباره وإصلاحاته. وخلص استفتاء سويسري على منع رفع المآذن في البلاد الى تأييد حظر بنائها. وسويسرا هي في مثابة نموذج مصغر عن الاتحاد الأوروبي، ومرآة رأي الأوروبيين. فهي تجمع الأعراق والأديان والشرائح الاقتصادية المتفرقة تحت سقف دولة واحدة تنتهج نظام الكانتونات. وقلق الأتراك من نتيجة الاستفتاء في محله. وحريّ بالسياسيين الأوروبيين أن يشعروا بالقلق. فالنتيجة هذه تتهدد أسس الاتحاد الأوروبي، وأبرزها الدعوة الى التعايش وحماية حقوق الإنسان والأقليات. ولعل توسل عدد كبير من السياسيين الأوروبيين، وخصوصاً بفرنسا وألمانيا، الإسلام وملف عضوية تركيا المسلمة في الاتحاد الأوروبي فزاعة في السياسة الداخلية هو السبب الراجح في تشدد المستفتين السويسريين. وفي الأعوام الخمسة الأخيرة، بدأ الأوروبيون وقياداتهم السياسية نقض ما نادت به أوروبا من مُثل ومعايير. فأوروبا دافعت عن نشر صحف دنماركية الرسوم المشهورة، وأساءت استخدام معايير الاتحاد الأوروبي، وخالفت أهداف المعايير هذه. وأسهم بعض المثقفين الأوروبيين في نشر «الإسلاموفوبيا» (رُهاب الآخر المسلم) بأوروبا، ولطخوا صورة الإسلام ومبادئه وعقائده. واختار السياسيون الأوروبيون تركيا كبش محرقة لترويج أفكار سيئة عن الإسلام، وتأجيج «الإسلاموفوبيا». فتوسل كل سياسي يريد النجاح في الانتخابات من غير التزام مشروع سياسي أو اقتصادي، بانتقاد تركيا، أو الإسلام، سلَّماً لبلوغ البرلمان أو البلدية. ولعل أقوى دليل على ذلك هو بروز الأحزاب اليمينية المتطرفة، وبلوغ عدد من ممثليها البرلمان الأوروبي في الانتخابات الأخيرة. وافتقرت الانتخابات هذه الى إقبال جماهيري جراء تقاعس المرشحين عن صوغ برامج سياسية واضحة، في وقت هيمنت حملات تعادي تركيا والإسلام على دعايات المتطرفين اليمينيين الانتخابية. وأوروبا مدعوة الى إدراك أن قيم الاتحاد الأوروبي هي، اليوم، على المحك. * معلّق، عن «ستار» التركية، 1/12/2009