كادت الأزمة السياسية في السودان تخرج عن نطاق السيطرة أمس بعدما قمعت قوات الأمن تظاهرة للمعارضة في الخرطوم، واعتقلت عشرات بينهم ثلاثة من القادة البارزين في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي رد مناصروها بإحراق مقرين لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في ولايتين من ولايات الجنوب. واضطر الرئيس عمر البشير إلى التدخل لتهدئة الأوضاع، فاتصل بنائبه زعيم «الحركة الشعبية» سلفاكير ميارديت الموجود في جوبا، عاصمة إقليمالجنوب، وأبلغه قرار إطلاق قادة حركته المعتقلين في الخرطوم. كما أجرى قياديون في المؤتمر الوطني وساطات مع المعارضة لتهدئة الأوضاع خشية انفلاتها كلياً. وجاءت تطورات أمس بعدما حظّرت السلطات تظاهرة للمعارضة أمام البرلمان احتجاجاً على ما تعتبره «تباطؤاً» من الحزب الحاكم في إقرار قوانين مرتبطة بالحريات والسلام والتحول الديموقراطي. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والهروات لتفريق المتظاهرين، واعتقلت نحو 70 من قيادات «الحركة الشعبية»، بينهم وزير الدولة السوداني للشؤون الداخلية عباس جمعة (عضو في «الحركة الشعبية») وباقان أموم (الأمين العام لهذه الحركة) وياسر عرمان (نائب الأمين العام). ولقي أموم وعرمان استقبالاً كبيراً بعد الافراج عنهما وعودتهما الى مقر حزبهما في الخرطوم. واتهم أموم «المؤتمر الوطني» بأنه «سرق السلطة» في انقلاب عسكري، وتراجع عن اتفاق السلام مع الجنوبيين العام 2005. وتعهد مواصلة «نضال سلمي» من أجل حمل الحكومة على احترام السلام وإقرار الحريات وتمرير القوانين العالقة في اتفاق السلام. كما وعد بالعمل من أجل منع السودان من الانهيار، وكفالة الحريات والديموقراطية في البلاد. وكان سلفاكير ميارديت، رئيس حكومة جنوب السودان، قال في بيان إن الاعتقالات التي حصلت في الخرطوم «مستفزة وغير مبررة»، في حين قالت كيجي رومان الناطقة باسم «الحركة الشعبية» ل «رويترز» إن «الموقف صعب.. أكثر من مئة من أعضاء الحركة الشعبية لتحرير السودان اعتقلوا واحتجز أيضاً عدد أكثر بكثير من المحتجين». وقال محمد مندور المهدي القيادي في المؤتمر الوطني إن أجهزة الأمن قررت الاستنفار لفض تظاهرة المعارضة بعدما «توافرت لدينا معلومات تفيد بنية الجهّات المنظمة للتظاهرة لخلق فوضى واستخدام قنابل المولوتوف». وأثارت الأنباء عن الاعتقالات في الخرطوم غضبا في جنوب السودان حيث أحرق أشخاص مقر حزب المؤتمر الوطني في واو عاصمة ولاية بحر الغزال ومقر المؤتمر المؤتمر الوطني في رمبيك عاصمة ولاية البحيرات.