التقى المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار أمس، كل من قائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء الركن وفيق جزيني في حضور بعض أعضاء فريق عمله، وبحث معهما التعاون والتنسيق القائم مع المحكمة الخاصة سواء لجهة إجابة الطلبات الخاصة بها، أو تسهيل حركة دخول ومغادرة أعضاء فريق المحكمة. الى ذلك، كشفت مصادر قضائية ل «الحياة» أن النيابة العامة التمييزية تسلمت الاستنابات القضائية الصادرة عن القضاء السوري الذي يطلب فيها إبلاغ عدد من القضاة والوزراء السابقين وضباط أمنيين وإعلاميين وآخرين باستدعائهم الى جلسة تحقيق معهم أمام قاضي التحقيق الأول في سورية، في الشكوى المقدمة من المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد أمام القضاء السوري ضدهم بجرائم الافتراء الجنائي وحجز الحرية والإدلاء بشهادة زور بحقه في معرض التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولم تكشف المصادر عن تاريخ جلسة التحقيق مع المعنيين بالاستدعاء غير انها أشارت الى أن استدعاء هؤلاء هو للتحقيق معهم بصفة مدعى عليهم وليس بصفة شهود. ورأت أن هناك خطأ في أصول المخاطبة بين البلدين، معتبرة أن استدعاء نائب عام تمييزي مثلاً من قبل محام عام في بلد آخر هو أمر غير مقبول، إذ أن أصول المخاطبة بين البلدين تفرض أن يصار الى استدعاء المعنيين كلٌ بحسب مركزه وخصوصاً المركز القضائي. وفيما رفضت المصادر التوضيح عن الإجراءات القانونية التي تعتمد في هذه الحالة، أوضحت أن القضاء يدرس الطلبات الموجهة إليه من القضاء السوري لاتخاذ قرار في شأنهم. وأعلنت المصادر أن الاستنابات وصلت الى لبنان على دفعتين، بدءاً من يومي الخميس والجمعة الماضيين، إذ وصلت الدفعة الأولى عبر البريد المضمون الى مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا، والدفعة الثانية وصلت من وزارة الخارجية السورية الى وزارة الخارجية اللبنانية ومنها الى وزارة العدل. وفي سؤال ل «الحياة» عن هذه الاستنابات، قال ميرزا: «لا تعليق لدي، ولن أتكلم في هذا الموضوع أبداً». وسألت مصادر سياسية في الأكثرية: «ما مصلحة سورية في إعاقة زيارة الرئيس الحريري اليها عبر استهداف مستشارين ومقربين منه، حتى لو بدا أن الأمر يشبه الفقاعة الإعلامية؟». وأضافت: «إذا كان هذا العمل جاء بقرار سياسي، فهذا يعني أن ثمة من لم يتعظ في دمشق من التجربة السابقة السيئة في التعامل مع لبنان، من الأخطاء الكبرى التي تخللتها». لكن مصادر أخرى في الأكثرية أعربت عن اعتقادها بأنه «لا بد من أن تكون وقعت غلطة ما في دمشق في موضوع الاستنابات القضائية، خصوصاً أنه ليس من مصلحتها إضفاء أجواء سلبية قبل زيارة الحريري تؤثر في إتمامها أو تؤدي الى إعادة النظر بها. وبالتالي فإن الأرجح أن يعاد النظر في هذه الاستنابات». كما أن مصادر مطلعة أشارت الى أن بعض حلفاء سورية استغربوا هذه الخطوة واعتبروا أن توقيتها يناقض التوجه نحو فتح صفحة جديدة، فيما علمت «الحياة» أن عواصم خارجية معنية بمتابعة العلاقات اللبنانية - السورية، استفسرت من أطراف لبنانيين عن سبب الخطوة واعتبرتها سلبية وغير مبررة. وقالت إن عدداً من رموز المعارضة نشط على خط الاتصالات بين بيروتودمشق لاستيضاح أسباب الخطوة. وتوالت أمس الردود السياسية على موضوع الاستنابات القضائية، إذ رأى عضو تكتل «لبنان أولاً» النيابي نهاد المشنوق أن الاستنابات القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق الأول في دمشق «مسألة قانونية وقضائية بحاجة إلى اختصاصي وهو متوافر لدى القضاء اللبناني الذي نثق بقدرته على التعامل مع هذا الملف وغيره بدقة ورصانة واحترام للقانون». وقال في تصريح أمس: «أقلّ ما يقال عن توقيت هذه الاستنابات انه غير لائق سياسياً وديبلوماسياً، وهو بمثابة اعتداء على الجو الذي ساد في الفترة الأخيرة عن إيجابية سياسية سورية تجاه لبنان». ووضع عضو كتلة «الكتائب» النيابية إيلي ماروني «قضية إصدار المذكرات في خانة «عرقلة زيارة الرئيس الحريري الى دمشق وتحجيمها»، داعياً الحريري الى أن «يعيد النظر في توقيت زيارته». ونفى عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري تلقي «الجانب اللبناني شيئاً من الجانب السوري»، داعياًإلى «ترك موضوع التحقيقات للمحكمة الدولية».