قالت مصادر سياسية مطلعة ل «الحياة» أن مشاورات مكثفة تجريها الأوساط السياسية العراقية استعداداً لمعركتي الأنبار والموصل، قبل حلول فصل الصيف. وأضافت أن هناك قناعة بدأت تتبلور بإمكان خوض معركة متزامنة أو متقاربة في المحافظتين، بالتنسيق بين الجيش وقوات «البيشمركة» الكردية والتحالف الدولي. وما زال الكثير من الأسئلة معلقاً حول مشاركة «الحشد الشعبي». وأدت أعمال الحرق والنهب التي اتهم بها «الحشد الشعبي» إلى التردد في اختيار الأطراف التي يمكن أن تشارك في المعركة. وسيبحث رئيس الحكومة حيدر العبادي هذا الأمر مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني خلال زيارته أربيل. وأكدت هذه المصادر أن معركة الموصل تتطلب تنسيقاً عالي المستوى، بين القوات الاتحادية من جهة و «البيشمركة» من جهة ووحدات من المتطوعين من أبناء الموصل وقوات التحالف الدولي، من جهة أخرى. وأفاد محافظ الموصل أثيل النجيفي أن آلاف المتطوعين انخرطوا في تدريبات مكثفة لتشكيل قوة ستتولى دخول المدينة، على أن تضطلع «البيشمركة» والجيش بعمليات إسناد من الشمال والجنوب. وكان الناطق باسم مجلس الوزراء رافد جبوري أكد أمس أن معركة الموصل ستكون محور لقاء العبادي وبارزاني. أما معادلة القوى في الأنبار فستكون مختلفة، على ما أكدت المصادر التي قالت أن زيارة رئيس البرلمان سليم الجبوري الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في النجف أمس ركزت على إمكان استبدال قوات «الحشد الشعبي» التي شاركت في معركة تكريت، ب «سرايا السلام» التابعة للصدر. وقال الصدر، خلال مؤتمر صحافي مع الجبوري: «ندين ما حدث في تكريت ومشكور من حررها»، معاهداً أهالي المدينة على «إعادتهم إليها وإعمار البنى التحتية»، وجدد رفضه «تدخل الاحتلال الأميركي»، مضيفاً أن «التعاون مع الاحتلال خط أحمر ولن نكون شركاء معه»، وأكد الجبوري «حصول عمليات سلب ونهب في تكريت»، معتبراً أنها «ممارسات سلبية ينبغي أن لا تصرفنا عن الإنجاز المتحقق والرغبة الموجودة في تحرير المناطق الباقية». ويدرب عشرات العسكريين الأميركيين قرابة 10 آلاف مقاتل من عشائر الأنبار التي تشكو من ضعف التسليح. وأكد المحافظ صهيب الراوي في أن «الحشد الشعبي» لن يشترك في معركة التحرير. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن الحكومة تجري محادثات مع الجانب الأميركي لمناقشة توقيت معركتي الموصل والأنبار، ولم تستبعد أن تنطلق العمليتان بالتزامن أو في أوقات متقاربة. وأوضحت أن توزيع القوى يتيح فتح الجبهتين في معاً، وأن مقاتلي «الحشد الشعبي» قد يتقدمون خلال الأيام المقبلة باتجاه بلدة بيجي، شمال تكريت، على أن تتقدم قوات الجيش باتجاه الشرقاط، ومنها إلى جنوب الموصل، بالتزامن مع تقدم قوات «البيشمركة» إلى منطقة الحويجة، ومنها إلى شرق المدينة. لكن مصادر مقربة من مكتب القائد العام للقوات المسلحة (العبادي) تتخوف من عراقيل أمام تطبيق هذه الخطة، منها صعوبة توفير الإمكانات اللوجستية اللازمة لخوض معركتين في هذا الحجم من دون مساندة «الحشد الشعبي» الذي يعد القوة الضاربة الأقوى حالياً، بالإضافة إلى أن إطلاق المعركتين أو أي منهما لا بد أن لا يتجاوز حزيران (يونيو) المقبل قبل أن تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع. لكنها تؤكد في المقابل أن نجاح القوات الأميركية في إكمال تدريب قرابة 20 ألف متطوع في المدينتين خلال الأسابيع المقبلة قد يعوض نقص «الحشد الشعبي» عددياً، فيما تبقى مشكلة التسليح قائمة، وستكون مدار محادثات العبادي مع المسؤولين الأميركيين الأسبوع المقبل، خلال زيارته واشنطن.