أعلنت روسيا الحداد على أرواح أكثر من 109 أشخاص قضوا في حريق اندلع في ملهى ليلي بمدينة بيرم (جنوب شرق)، وأمر الكرملين بفتح تحقيق موسع في الحادث ومحاسبة المسؤولين عن حال تسيب وإهمال أدت إلى كارثة، فيما كشفت وزيرة الصحة الروسية تاتيانا غوليكوفا ان عشرات المصابين الذين يفوق عددهم 130 لا يستطيعون التنفس من دون أجهزة خاصة تساهم في بقائهم على قيد الحياة، «ما يرجح ارتفاع حصيلة القتلى». وهزت الكارثة الأوساط السياسية الروسية. ونقل شهود إفادات مروعة عن حصول تدافع وانتشار الذعر من المكان لدى محاولة مصابين الخروج من باب ضيق. وعرضت وسائل إعلام لقطات لجثث محروقة وقتلى قضوا اختناقاً أو بسبب التدافع. وفي التفاصيل الأولية للحادث، اشتعلت النيران في صالة ملهى ليلي في مدينة بيرم في وقت متأخر من ليل الجمعة – السبت، أثناء الاحتفال بمناسبة مرور عشرين سنة على افتتاح الملهى. وتسبب إطلاق ألعاب نارية داخل الصالة باندلاع الحريق الذي انتشر بسرعة هائلة بسبب الديكورات المصنوعة من البلاستيك. ولم يستطع غالبية رواد الملهى الذين بلغ عددهم حوالى 250 مغادرة الصالة بسبب وجود مخرج واحد صغير، ما أدى إلى انتشار الذعر والفوضى واحتراق غالبية الموجودين، بعدما تحول المكان إلى «سجن مشتعل مكتظ» كما وصفه أحد الشهود. وأمر الرئيس ديمتري مدفيديف بفتح تحقيق موسع وعدم التهاون في محاسبة المسؤولين عن الحادث، متهماً إدارة النادي الليلي بالإهمال الكبير. وقال: «لا دماغ لهم ولا ضمير، اذ أظهروا قلة اهتمام بما يجرى، ولا بد أن يواجهوا عقاباً كاملاً»، علماً أن استخدام الألعاب النارية محظور داخل الأماكن المغلقة. كما أن الصالة لم تكن مجهزة بمخارج طوارئ، ما يشكل مخالفة فادحة لأنظمة السلامة. وأوقفت الشرطة مالك الملهى أناتولي زاك ومديرته سفيتلانا ييفريموفا، فيما تلاحق 4 أشخاص مطلوبين بسبب صلتهم في الحادث. ويواجه زاك وييفريموفا عقوبة السجن لمدة سبع سنوات، لكن ميدفيديف أكد العقوبات التي يواجهها المذنبون بحسب القوانين الحالية «خفيفة جداً، ولا بد أن نفكر بأن القوانين في أحداث كهذه يجب أن تكون أكثر صرامة وقسوة». ودعا نواب في البرلمان وخبراء إلى محاسبة وزارة الطوارئ المسؤولة عن تفقد هذه التدابير الاحترازية بشكل دوري، فيما أمر رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بتشكيل لجنة برئاسة وزير الطوارئ سيرغي شويغو للتحقيق في ملابسات الحادث ومتابعة تداعياته، مع العلم ان مصادر أمنية روسية نفت ارتباط الحريق بعمل إرهابي، باعتبار ان المحققين لم يعثروا على أي أثر لمواد متفجرة. ولاحقاً، أعلنت السلطات ان المدعين الإقليميين سينفذون، بالتعاون مع المراكز المحلية لوزارة الطوارئ الروسية وغيرها من أجهزة المراقبة، عمليات التفتيش في أنحاء البلاد من أجل تفادي تكرار حريق عبر وضع مجموعة من الإجراءات لضمان سلامة المواطنين في أماكن التجمعات العامة. وأوضحت ان التفتيش سيركز على السلامة من النيران، وتخزين المفرقعات واستخدامها، وتواجد مخارج مناسبة في حالات الحرائق، و «لا بد من إنجاز الإجراءات قبل 15 الشهر الجاري». وأكدت ان منتهكي قوانين السلامة سيواجهون تهماً جنائية. وفي سياق متصل، أعلنت الإدارة الإقليمية في بيرم ان عائلات الضحايا سيحصلون على تعويض مالي مقداره 100 ألف روبل، ما يعادل 3400 دولار. وفي رسالة وجهتها إلى بوتين، نقلت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا تيموشينكو تعازيها الى عائلات ضحايا الملهى. وقالت: «هذه مأساة رهيبة لنا جميعاً، خصوصاً ان أوكرانيا اختبرت كارثة مماثلة». وأضافت: «من المحزن أن يتسبب حادث مأساوي بمقتل شبان مفعمين بالطاقة حياتهم ما زالت أمامهم».