يعاني الشريط التجاري الواقع بين طريق الملك فهد وشارع العليا في العاصمة الرياض من الاختناق، لدرجة ان بعض المباني بدأت في اقتطاع جزء من الشارع ووضع الحواجز عليه، وتفتق ذهن أحد الفنادق المدشنة حديثاً هناك عن سابقة هي سد شارع صغير بأكمله بالحواجز «بحسب تعليمات الادارة»، أي بعبارة اوضح تم أكل الشارع ومنع المرور فيه تمهيداً لتحويله الى مواقف. أتفهم ان تقوم بعض الجهات الحكومية باقتطاع جزء من شارع كحمى أمني او خدماتي، لكنني «أغص» في ابتلاع فكرة ان تهمل البلدية التشديد على رخص البناء، ويصر المستثمرون على استغلال مساحات ليست من حقهم تنظيمياً، ويغض المرور الطرف عن وليمة أكل الشوارع التي لا يدعى لها إلا المباني «الفخمة». الغريب أن البلديات تمنح المواطن 60 في المئة فقط من اجمالي مساحة الارض التي اشتراها لبناء المسكن، وتمنح المباني التجارية في الشريط التجاري نسبة اعلى، ربما لأن «المواطن» هو المخطئ، فما الحاجة إلى أن يذهب الى العمل ويجد موقفاً لسيارته، او ربما هو أخطأ برفع نسبة السمنة والسكري، فاتفقت البلديات والمرور واصحاب المباني على اجباره على المشي تحقيقاً لمصلحته العامة. من سافر لبعض دول الخليج يجد أن في المباني السكنية الكبيرة والتجارية المكتبية يخصص الدور الارضي للمواقف ولا يسمح باستثماره، ربما لأن نسبة السمنة والسكري اقل في تلك الدول فلم توصِ وزارة الصحة بأكل الشوارع، واحد قبل المشروع، واثنان اثناء المشروع، ونصف واحد بعد المشروع. وبإمعان الفكر أكثر تظهر احتمالات أخرى، فربما لأن بعض هذه المباني صممت من مهندسين غير سعوديين في بلدانهم يتنقل الناس لأعمالهم بوسائل مواصلات منظمة وسريعة، وهم يشاهدون نهضة عمرانية لدينا فظنوا ان هناك مشاريع مماثلة، او ربما لأن اصحاب المشاريع انفسهم درسوا في الخارج ويريدون إجبار البلديات او المواصلات او المرور على ايجاد حلول، والى حين ايجادها سيتم التهام «حتة» أسفلت من كل شارع شهرياً. المتجول في داخل الشريط التجاري سيعرف لماذا «يطنطن» العقاريون دوماً بمصطلح التطوير العقاري، لأنهم وكما هي الحالة «الهامورية» دوماً يأخذون الناس بالصوت قبل ان يجدوا مواقف لسياراتهم، والمهم هو إقامة المبنى، ثم تأجيره، ولا داعي لطرح اسئلة «بايخة» عن التراخيص المعمارية، والتخطيط المستقبلي للمناطق التجارية، والكلام «الفاضي» الخاص بالرؤية الجمالية و«اللاند سكيبينج»، ولو تصرف بعض الملاك بذكاء لوجدوا ان تخصيص المواقف الكافية تحت الارض وفوقها سيجعل مواقعهم مميزة، وسيمنحها ميزة نسبية مع مرور الزمن ستفقدها بالتأكيد كثير من المباني «النهمة» لأكل الشوارع. محمد اليامي