وسط أجواء احتفالية، تُعقد في العاصمة التنزانية اليوم جولة ثانية من المفاوضات بين دول حوض النيل حول مسألة تقسيم المياه. ويأتي هذا الاجتماع بعد خلافات نشبت في أعقاب رفض القاهرة قبل ستة أشهر، خلال اجتماع عقده وزراء المياه في العاصمة الكونغولية كنشاسا، توقيع اتفاق إطاري لتقسيم المياه. وتُصرّ مصر والسودان باعتبارهما دولتي المصب على تضمين الاتفاق ثلاثة شروط تعتبران أنها تضمن حقوقهما في «حصتهما التاريخية في مياه النيل»، وهو أمر رفضته دول المنبع (أريتريا، أوغندا، إثيوبيا، الكونغو الديموقراطية، بوروندي، تنزانيا، رواندا وكينيا). وتشارك مصر اليوم في الاحتفال الذي تنظّمه «مبادرة حوض النيل» لمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيسها. وتستضيف تنزانيا الاحتفال في حضور وزراء مياه دول الحوض الذين سيناقشون مجالات التعاون المشترك والرؤى المستقبلية للتعاون في المرحلة المقبلة بما في ذلك فرص الاستثمار المتاحة في مجالات المياه والبيئة والطاقة، بما يساعد على توفير حياة أفضل وتنمية لسكان دول حوض النيل. وسيحاول الوزراء ردم هوّة الخلافات التي نشبت بينهم والوصول إلى صيغة توافقية قبل اجتماع جديد سيعقد في شباط (فبراير) المقبل في منتجع شرم الشيخ (جنوب شبه جزيرة سيناء). وأعرب وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام أمس عن تفاؤل بلاده بإمكان التوصل إلى حلحلة في النقاط العالقة في الاتفاق بين دول حوض النيل، في ظل حرص القاهرة على أن تتم «الجولات التفاوضية في إطار من الشفافية والمكاشفة». وقال: «هناك بعض المؤشرات الإيجابية لإمكان نجاح هذه المفاوضات، منها الموقف الإيجابي للدول والمؤسسات المانحة، والتي اشترطت الموافقة الجماعية لتقديمها الدعم أو تمويل أي من مشاريع مبادرة دول حوض النيل، كذلك دعم إثيوبيا وأوغندا للموقف المصري - السوداني بتأجيل توقيع الاتفاق الإطاري». وأوضحت مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السفيرة منى عمر «أن اجتماعاً على مستوى لجنة الخبراء سيعقد في تنزانيا بين دول حوض النيل على هامش الاحتفالات لمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق مفوضية (حوض النيل) لمحاولة التوصل إلى اتفاق». وقالت ل «الحياة»: «هناك أجواء إيجابية، ونلمس تجاوباً وحرصاً من دول الحوض على إنهاء الخلافات». وأشارت إلى أن القاهرة «قدّمت مجموعة من الاقتراحات إلى دول الحوض تم وضعها على طاولة المفاوضات ... لكن حتى الآن لم نتلق ردود فعل عليها». وأوضحت: «في حال تم الاتفاق على تلك الاقتراحات خلال الاجتماع (اليوم) سيتم توقيع الاتفاق في اجتماع لوزراء المياه يعقد في شرم الشيخ في شباط (فبراير) المقبل .. أما في حال جاءت بعض الدول بتعليقات على الطرح المصري فلدينا شهران سيتم خلالهما البحث في تلك النقاط». ولفتت إلى أن القاهرة تبدي مرونة كبيرة مع دول الحوض من أجل إنهاء الاتفاق «لكن في الوقت نفسه لدينا خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها أو النزول عنها». ويبدي المسؤولون المصريون حرصاً شديداً على حصة البلاد من مياه نهر النيل البالغة 55.5 بليون متر خصوصاً مع تحذير خبراء من أن البلد الذي يعيش معظم سكانه على مياه النيل دخل بالفعل مرحلة الشح المائي نتيجة للإسراف وسوء استخدام المياه.