في ربع الساعة الأخير من المفاوضات الماراتونية «النووية»، اشترطت إيران لإبرام اتفاق مع الدول الست المعنية بملفها النووي، استجابة «كل مطالبها»، فيما حضها الغرب على اتخاذ «خيارات مؤلمة»، معتبراً أنها «تفاوض على حافة الهاوية»، وسط أنباء عن تشدد طهران خلال المفاوضات في مدينة لوزان السويسرية، ورفضها التنازل في مسائل أساسية قبل انتهاء المهلة المحددة للتوصل إلى الاتفاق آخر الشهر (للمزيد). وأسِف سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، لأن «مأساة» اليمن «تؤثر في مناخ المفاوضات» النووية، معرباً عن أمله بألا «يؤدي الوضع في اليمن إلى تغيير في موقف مشاركين» في المحادثات. لكنه اعتبر أن فرص التوصل إلى اتفاق «تجاوزت 50 في المئة»، مؤكداً أن «الفشل ليس مسموحاً». وسرّعت إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) المفاوضات في لوزان، اذ التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الإيراني محمد جواد ظريف الذي عقد اجتماعين منفصلين مع نظيريه الفرنسي لوران فابيوس والألماني فرانك فالتر شتاينماير. وعقد كيري وفابيوس اجتماعاً، ثم شاركهما الوزير الألماني غداء عمل. وبعد لقاء فابيوس ظريف، التقى كيري وفابيوس وشتاينماير مجدداً. وقال ظريف بعد لقائه شتاينماير وفابيوس: «نحن نتقدم. يمكننا إحراز تقدّم لازم لنتمكّن من تسوية كل القضايا وبدء صوغها في نص سيصبح اتفاقاً نهائياً». وأضاف: «في المفاوضات، يجب أن يُظهر الجانبان مرونة. نحن مستعدون للتوصل إلى صفقة جيدة بالنسبة إلى الجميع، وننتظر استعداد نظرائنا» في الدول الست. وتابع أن «ألمانيا وفرنسا جديّتان في التوصل إلى اتفاق»، مستدركاً أن «وزيرَي خارجيتهما يدركان أن العقوبات والضغوط و(إبرام) اتفاق، لا تسير معاً. على شركائنا في المفاوضات اتخاذ قرارات». وقال فابيوس بعد لقائه نظيره الإيراني: «نحاول التقدّم، إننا نعمل». وكان الوزير الفرنسي شدد بعد وصوله إلى لوزان، على أهمية «المضمون» وضرورة وضع آليات «مراقبة وشفافية» للتحقق من «احترام الالتزامات» في أي اتفاق. أما شتاينماير فتحدث عن «بدء نهاية اللعبة، بعد نحو 12 سنة من المفاوضات مع إيران». لكن مصدراً فرنسياً أشار إلى احتمال التوصل خلال يومين إلى إطارٍ لتفاهم في ورقة تتضمن نقاطاً غير معلنة، تُمدّد المفاوضات إلى حزيران (يونيو) المقبل. وفيما كان كيري متجهاً إلى متجر لشراء شوكولا، سألته طالبة إيرانية تدرس في لوزان عن احتمالات إبرام اتفاق، فأجاب «إن شاء الله». أما عباس عراقجي، نائب ظريف، فقال لشبكة تلفزة يابانية إن «التوصل إلى اتفاق شامل ممكن، شرط أن تؤخذ في الاعتبار كل مطالب إيران». وزاد: «إذا لم تُلبَّ مطالبها، ومهما كان الطرفان قريبين من التوصل إلى اتفاق، فإن إيران لن تصادق عليه». وكان رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي أشار إلى «تعقيدات تشوب مسألة أو اثنتين»، فيما ذكر حميد بعيدي نجاد، مساعد ظريف، أن العقوبات المفروضة على إيران ونشاطات البحث والتطوير في برنامجها النووي، هي «من نقاط الخلاف في المفاوضات». ونفى مجيد تخت روانجي، وهو مساعد آخر لظريف، إعداد «وثيقة اتفاق» من صفحتين أو ثلاث، بعدما أفادت وكالة «رويترز» بأن إيران والدول الست تأمل بالتوصل إلى اتفاق من صفحتين أو ثلاث، تشكّل أساساً لتسوية بعيدة المدى. وأبلغ مصدر قريب من المفاوضات «الحياة» أن إعلان التوصل إلى تفاهم في شأن إطارٍ لاتفاق نووي سيتم في مقرّ الأممالمتحدة في جنيف، بمشاركة وزراء خارجية إيران والدول الست. لكن شبكة «سي أن أن» الأميركية نقلت عن مسؤولين أميركيين وديبلوماسيين غربيين أن إيران ترفض التراجع في قضايا أساسية تتمحور حول البحث والتطوير، ووتيرة تخفيف العقوبات. ونسبت إلى مسؤول أميركي بارز قوله إن «الإيرانيين متشددون جداً في المسائل الأكثر صعوبة». وذكر ديبلوماسي غربي أن الوفد الإيراني واجه ضغوطاً بعد عودته إلى طهران اثر الجولة الأخيرة من المحادثات في لوزان، وعاد بموقف تفاوضي أكثر تشدداً، وزاد: «الإيرانيون لا يتحركون، الأمر صعب جداً ولا يسير كما يرام. نحن في نقطة حيث على الإيرانيين أن يقرروا هل يريدون (إبرام اتفاق) أم لا». وربط ديبلوماسي غربي التوصل إلى اتفاق باتخاذ طهران «خيارات مؤلمة»، وأشار إلى أن «الإيرانيين يودون التفاوض على حافة الهاوية، وهم يحسنون فعل ذلك».