عكست التصريحات الإيرانية والأميركية أمس، ما يفيد بتحقيق اختراق قد يتيح إبرام اتفاق إطار سياسي لتسوية الملف النووي الإيراني، إذ أشارت طهران إلى حسم 90 في المئة من المسائل التقنية في المفاوضات، فيما تحدثت واشنطن عن تقدّم في تحديد «خيارات فنية» قد تشكّل أساساً لصفقة اعتبرت أن فرص التوصل إليها تبلغ 50 في المئة. وكان لافتاً أن مهدي حسيني، مسؤول لجنة مراجعة العقود في وزارة النفط الإيرانية، أغرى شركات نفط أميركية ب «مكافأتها» إذا «اتخذت موقفاً وتحرّكت ضد» رسالة وجّهها 47 عضواً جمهورياً في الكونغرس إلى القيادة الإيرانية، تهدد بإلغاء أي اتفاق «نووي» بعد انتهاء الولاية الثانية لأوباما عام 2016. وزاد أن تلك الشركات «مستعدة لإدارة مشاريع في إيران». وصعّد الجمهوريون في الكونغرس الأميركي «معركتهم» مع الرئيس باراك أوباما، إذ أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السناتور بوب كوركر، إمكان التصويت الأسبوع المقبل على مشروع قرار يُلزم البيت الأبيض بإحالة أي اتفاق مع إيران على الكونغرس للمصادقة عليه. وأوردت صحيفة «بوليتيكو» أن المشروع يحظى بتأييد أعضاء من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، وغالبية عددية (67 سناتوراً) قادرة على تخطي أي فيتو رئاسي. والتقى وزيرا الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأميركي جون كيري، يرافقهما رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي ووزير الطاقة الأميركي إرنست مونيز، ساعتين في مدينة لوزان السويسرية أمس. وكان كيري وظريف اجتمعا في المدينة 5 ساعات الإثنين، ثم أجرى الوزير الإيراني محادثات في بروكسيل مع نظرائه الأوروبية فيديريكا موغيريني والفرنسي لوران فابيوس والألماني فرانك فالتر شتاينماير والبريطاني فيليب هاموند. وقال صالحي بعد لقاءٍ ثنائي مع مونيز: «اتفقنا على 90 في المئة من المسائل التقنية. بقيت مسألة خلاف واحدة، وهي مهمة جداً، ونسعى إلى تسويتها». وأضاف: «القضايا الرئيسة أُغلقت. يمكننا القول إن الأمور واضحة من الجانبين في شأن المسائل التقنية. هناك تفاصيل كثيرة، لكنني متفائل» بالتوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الشهر الجاري. وبثّت قناة «العالم» الإيرانية أن «هناك حسماً لقضية أجهزة الطرد المركزي» المُستخدمة في تخصيب اليورانيوم، وقضية منشأتَي فردو وناتانز للتخصيب، ومجمّع آراك الذي يعمل بماء ثقيل، مشيرة إلى أن مسألة العقوبات المفروضة على طهران «هي الأكثر صعوبة». لكن الناطق باسم البيت الأبيض جوش إرنست، أشار إلى أن «الاحتمال (التوصل إلى اتفاق) لم يتغيّر» بالنسبة إلى أوباما، لافتاً إلى أن فرص إبرامه هي «50 في المئة في أفضل الأحوال». وتحدث عن عنصر «مجهول في المفاوضات»، قائلاً: «على القادة الإيرانيين، بمَن فيهم مَن لا يشاركون في المفاوضات، توقيع الاتفاق. والتكهّن بما سيكون قرارهم، صعب. على إيران أن تعلن التزامات محددة جداً وصعبة جداً، لتبديد قلق المجتمع الدولي إزاء برنامجها النووي، كما عليها أن تقبل عمليات تفتيش متقدّمة جداً». وكان مسؤول أميركي بارز أشار إلى «تقدّم في ما يتعلق بتحديد خيارات تقنية في كل المجالات الرئيسة»، مستدركاً: «تبقى أمامنا مسائل صعبة». ولفت إلى أن أي اتفاق إطار يمكن التوصل إليه، يجب أن «يتضمن أبعاداً تتعلق بالكمية». وأفادت وكالة «رويترز» بأن اتفاقاً محتملاً قد يتيح لطهران الاحتفاظ بنحو 6500 جهاز للطرد المركزي، ونقلت عن مسؤول إيراني بارز أن بلاده كانت تطالب بتخصيب 2.5 طنّ من اليورانيوم سنوياً، لكنها قد تقبل بنصف طنّ، وذكر أن البقية ستُحوّل قضبانَ وقود تُرسَل إلى روسيا. وكان ظريف وصف محادثاته في بروكسيل بأنها «إيجابية»، فيما أعربت موغيريني عن أمل ب «ردم ثغرات متبقية». لكن مصدراً ديبلوماسياً أوروبياً نبّه إلى أن تلك المحادثات «لم تضيّق خلافات» بين الجانبين. وأشار إلى «فجوة ضخمة بين مواقف إيران والدول الست ليس أكيداً إمكان حلّها في الأيام المقبلة». ولفت فابيوس إلى «تقدّم»، مستدركاً: «تبقى نقاط مهمة لم تُسوَّ بعد». أما شتاينماير فأعلن رفضه إبرام اتفاق «بأي ثمن».