قالت مصادر حكومية في أنقرة إن الجيش التركي يُجهِّز فرقاطتين لإرسالهما إلى البحر الأحمر من أجل تقديم الدعم اللوجستي والمساعدة في عمليات الإنقاذ دعماً لعملية «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية بدعم عربي وإقليمي ودولي، ضد جماعة الحوثيين في اليمن. جاء ذلك بعد بيان للخارجية التركية وتصريحات لافتة للرئيس رجب طيب أردوغان استهدفت إيران في شكل واضح، إذ تحدّث عن رفض «التمدد الإيراني في المنطقة»، وهي لغة لم تعهدها الديبلوماسية التركية تجاه الجارة المنافسة إقليمياً، ما استوجب رداً قوياً أيضاً من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي وصف سياسات تركيا في المنطقة بأنها خاطئة وتسببت في «أضرار استراتيجية». وجاء الموقف التركي من التحالف العربي الإقليمي بعد إعلان أميركا وبريطانيا وعدد من الدول الغربية والعربية وباكستان دعمها عملية «عاصفة الحزم»، وأي موقف آخر كان سيبدو خروجاً على إجماع دولي قوي، علماً أن تركيا كانت التزمت الصمت إزاء تصريحات أدلى بها مستشارون ومسؤولون إيرانيون خلال الشهر الجاري، حول العراق، لا سيما تصريحات علي يونسي مستشار الرئيس حسن روحاني والذي تحدث عن «إمبراطورية» إيرانية، العراق جزء منها، وتكهّن بنهاية ما سماه «دور العثمانيين الجدد» في المنطقة. كما أن ظهور قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني في العراق وسورية لم يلقَ أي تعليق من أنقرة، سوى محاولة فاشلة لعرض تقديم دعم عسكري لعملية تحرير الموصل، رفضته بغداد. لكن الرئيس أردوغان الذي صادق الجمعة على اتفاق التعاون العسكري مع قطر، بات يميل أخيراً إلى الحديث عن ضرورة وجود دور أكبر لتركيا في المنطقة «لموازنة توسع النفوذ الإيراني». وهو حرص على «مغازلة المؤسسة العسكرية» التركية من خلال كلمته أخيراً في الأكاديمية العسكرية والتي أكد فيها أنه «خُدِع» في قضايا الخطط الانقلابية العسكرية التي اتضح زيفها، وفَتْحِهِ الباب لعودة التصريحات النارية لقائد الأركان نجدت أوزال ضد حزب العمال الكردستاني، وإن كان هناك من يرى في ذلك حملة انتخابية لاستمالة الصوت القومي للحزب الحاكم، فالواضح هو توطيد أردوغان العلاقة مع الجيش، وزيادة التنسيق الاستخباراتي مع بعض الدول العربية في شأن سورية وتسليح المعارضة وتدريبها. وإن فتحت عملية «عاصفة الحزم» الباب مجدداً أمام أنقرة لتحسين العلاقات مع الدول الخليجية، وتقديم الدعم لمشروع عربي يتشكّل من أجل التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة، فإن «عقبة تنظيم الإخوان المسلمين» لا تزال ماثلة أمام الرئيس التركي لا سيما بعدما تجاوزت الدول العربية هذه العقبة من خلال موقفها الموحد إزاء اليمن. كما يجب انتظار الموقف التركي في حال وُقِّع اتفاق نووي بين الغرب وطهران، وهل سيغيّر القرار المحتمل: رفع العقوبات عن إيران، موقف تركيا المتلهفة للاستثمار في سوق جارتها. وكذلك يجب انتظار نتائج الانتخابات البرلمانية التركية المقبلة بعد شهرين، والتي يبدو فيها مصير حكومة «العدالة والتنمية» على المحك، ما قد يؤثر في صلاحيات أردوغان، إما باتجاه إطلاقها على عنانها وإما باتجاه خفضها والدفع لأن يكون رئيساً فخرياً إن لم يحقّق حزبه النتائج المطلوبة في الاستحقاق الانتخابي.