بعد ستة أشهر وأربعة أيام على سقوط صنعاء في قبضة الحوثيين، بدت معركة عدن خاطفة، إذ زحف إلى المدينة مسلحو الجماعة وقوات من الجيش موالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، بعد ساعات على إسقاط أكبر قاعدة جوية عسكرية في البلاد هي قاعدة العند، وسيطروا على مطار المدينة ومينائها وعلى المراكز العسكرية في جبل حديد. وسمعت مساء امس اصوات الانفجارات في معظم الاحياء، فيما ترددت انباء عن عمليات نهب شملت قصر المعاشيق الرئاسي. وباتت مدينة عدن التي أعلنها الرئيس عبد ربه منصور هادي عاصمة موقتة لليمن بعد خروجه من صنعاء في 21 الشهر الماضي، تحت سيطرة ميليشيات «اللجان الشعبية» للحوثيين تدعمها وحدات من الجيش اليمني، بعد تمكن القوات الحوثية من السيطرة الكاملة على مواقع القوات الموالية لهادي المدافعة عن عدن، وانهيار الخطوط الدفاعية للمدينة. وفيما تعهّد العسكريون من أنصار علي صالح «التصدّي ببسالة» لأي تدخُّل خارجي، رداً على طلب هادي تدخُّلاً عسكرياً تحت غطاء مجلس الأمن، طغت أنباء متضاربة حول مصير هادي، ونفى مقرّبون منه مغادرته عدن، في حين خصّصت جماعة الحوثيين مئة ألف دولار مكافأة لمن يعتقله، بوصفه «مطلوباً» كانت اتهمته ب «الخيانة». (للمزيد) ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» مساء عن مصادر رسمية، أن هادي غادر عدن بحراً على متن مركب. فيما ذكر مصدر قريب من هادي أنه غادر عدن مساء، متوجّهاً إلى مصر لحضور القمة العربية في شرم الشيخ. واللافت بعد سقوط دفاعات قاعدة العند، ومدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، الأنباء التي ترددت عن «اختراق» في صفوف الموالين للرئيس اليمني، مكّن الزحف الحوثي من تسريع تقدُّمه، بذريعة ملاحقة «الدواعش وعناصر القاعدة». وقالت مصادر متطابقة في عدن ل «الحياة»، إن هناك انسحابات كبيرة لعناصر «اللجان الشعبية» الجنوبية من الأحياء الرئيسة والشوارع العامة التي كانت مكلّفة حفظ الأمن فيها، وأن مجموعات مسلّحة اقتحمت مواقع عسكرية وأمنية لنهب محتوياتها، فيما التزم غالبية سكان عدن منازلهم منذ الصباح. وأضافت المصادر أن انفجارات وأصوات قذائف مدفعية تُسمع في محيط المدينة، وزادت كثافتها بحلول الليل، خصوصاً باتجاه ضواحي عدن التي دخلتها القوات الحوثية وباتت على مسافات قريبة من وسط المدينة وأحيائها الرئيسة ومنشآتها الحكومية والحيوية. وكانت تعددت الروايات حول مصير الرئيس اليمني، إذ قالت مصادر في محافظة عدن إنه غادر مع عدد من أقاربه القصر الجمهوري صباحاً، على متن مروحيتين، لكن مصادر قريبة من هادي ذكرت أنه ما زال في قصر «المعاشيق» الرئاسي، ويتفاوض مع جماعة الحوثيين على وقف الحرب ومعاودة الحوار. مصادر أخرى قالت إن هادي انتقل صباحاً إلى مكان «آمن» في عدن بعد انهيار جبهتَيْ العند والحوطة، ووصول القوات الحوثية إلى منطقة دار سعد على مشارف عدن. وأشارت إلى أن الرئيس لم يغادر المدينة. وكانت القوات المشاركة في الزحف بلغت مشارف عدن بعد قصف جوّي على قصر الرئاسة، وإثر تقدُّمها على جبهتَيْ تعز والضالع، وبدا أن جماعة الحوثيين وحليفها علي صالح وأنصاره، يحاولون استباق القمة العربية التي ستُعقد في شرم الشيخ بعد يومين. وأعلنت الجماعة أنها اعتقلت وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة اللواء محمود الصبيحي، وعدداً من القادة العسكريين اثناء المواجهات ونقلتهم إلى صنعاء. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية قريبة من الجماعة أن مسلحيها اعتقلوا كذلك قائد المنطقة العسكرية الرابعة المُوالي لهادي، عبدربه ناصر الطاهر، وأنه نقل مع الصبيحي وآخرين إلى صنعاء. وتضاربت الأنباء حول اعتقال شقيق الرئيس اليمني ناصر منصور الذي يشغل منصب وكيل جهاز الأمن السياسي (المخابرات). وأُغلِق أمس مطار عدن، قبل انهيار الخطوط الدفاعية للمدينة، فيما نقلت وكالة «رويترز» روايات عن تناثر جثث مقاتلين على مشارف الحوطة عاصمة لحج، للدلالة على ضراوة القتال. وفي سياق ردود الفعل، حض البيت الأبيض مساءً، الحوثيين على التوقُّف عن زعزعة استقرار اليمن.